يقول مسؤولون إيرانيون وأميركيون إن طهران قلقة من إشعال حرب مفتوحة مع واشنطن، فطلبت من ميليشياتهاالتوقف عن مهاجمة القواعد الأميركية
إيلاف من بيروت: تكبح إيران جماح ميليشياتها في العراق وسوريا بعد أن ردت الولايات المتحدة بسلسلة من الضربات الجوية على مقتل ثلاثة من جنودها في قاعدة بالأردن.
تقول صحيفة "نيويورك تايمز": "في البداية، كانت ثمة مخاوف إقليمية من أن يؤدي العنف المتبادل إلى تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. لكن منذ الضربات الأميركية في 2 فبراير الجاري، تراجعت هجمات الميليشيات المدعومة من إيران على القواعد الأميركية في العراق، ولم يحدث سوى هجومين صغيرين في سوريا".
وبحسب مسؤولين في البنتاغون، سجل الجيش الأميركي ما لا يقل عن 170 هجومًا ضد القوات الأميركية خلال أربعة أشهر.
قرار بالتهدئة
يعكس الهدوء النسبي القرارات التي اتخذها الجانبان، ويشير إلى أن إيران تتمتع بمستوى من السيطرة على الميليشيات. وأوضحت الإدارة الأميركية أن طهران ستتحمل المسؤولية عن الحسابات الخاطئة والعمليات التي تقوم بها أذرعها العسكرية، لكنها تجنبت أي هجوم مباشر على إيران.
وقال الجنرال كينيث إف ماكنزي جونيور، الرئيس المتقاعد للقيادة المركزية للبنتاغون، إن الرد الأميركي "قد يكون له بعض التأثير، لكن السؤال الأساس هو: هل الميليشيات تهاجمنا في الوقت الحالي؟ كلا، إنها لا تفعل".
يمثل هذا الهدوء تحولًا في سلوك إيران. وكانت طهران قد وجهت منذ أشهر وكلائها في العراق وسوريا لمهاجمة القواعد الأميركية في الشرق الأوسط كجزء من معركة أوسع ضد إسرائيل، التي تقاتل حماس في غزة. ومع تكثيف هجمات الميليشيات الإيرانية، والتي بلغت ذروتها بمقتل ثلاثة جنود أميركيين في "البرج 22" بالأردن، شعر القادة الإيرانيون بالقلق من أن مستوى الحكم الذاتي الممنوح للميليشيات بدأ يأتي بنتائج عكسية وقد يدفعهم إلى الحرب، وفقًا لما تنقله "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين وأميركيين.
خائفون من التصعيد
وقال سينا آزودي، المحاضر في جامعة جورج واشنطن والخبير في الأمن القومي الإيراني: "الإيرانيون خائفون من المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، ويعلمون أنه إذا قُتل أميركيون مرة أخرى فإن ذلك سيعني الحرب، لذا كان عليهم كبح جماح الميليشيات وإقناعها بأن الحرب مع الولايات المتحدة يمكن أن تضر طهران أولاً ثم المحور بأكمله".
تمول إيران شبكة من الجماعات المسلحة في المنطقة تسميها 'محور المقاومة'، وتسلحها وتقدّم لها الدعم الفني والتدريب. تشمل هذه الجماعات: حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وكتائب حزب الله والحشد الشعبي في العراق، وحماس والجهاد الإسلامي في غزة، والميليشيات المختلفة في سوريا. وبينما توجه إيران استراتيجية شاملة نحو المحور، فإن مستوى السيطرة والتنسيق اليومي يختلف. تتمتع طهران بالنفوذ الأكبر على حزب الله، حيث تقع الميليشيات السورية والعراقية في المنتصف، ويعتبر الحوثيون الأكثر استقلالية.
انضم سياسيون مؤثرون في العراق، بينهم رجال دين يمثلون المرجعية الشيعية في النجف، إلى الجهود الرامية إلى إقناع الميليشيات بوقف الهجمات. وأدى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دورًا أيضًا في ذلك، إذ أخبر قادة الميليشيات العراقية أن الهجمات المستمرة على القوات الأميركية عقّدت المفاوضات بين بغداد وواشنطن بشأن انسحاب القوات الأميركية من بلاده، وفقًا لما ذكره المسؤولون العراقيون.