اديس ابابا: أكدت اثيوبيا الأربعاء أنها ستواصل ملء سد النهضة الضخم الذي تبنيه على نهر النيل على الرغم من الخلاف المستمر مع مصر والسودان اللتين قالتا بدورهما إنهما لا تستبعدان أي خيار دفاعًا عن مصالحهما.
جاءت التصريحات الإثيوبية بعد أن افترق وزراء خارجية الدول الثلاث من دون اتفاق الثلاثاء بعد ثلاثة أيام من المفاوضات في كينشاسا برعاية رئيس الكونغو الديموقراطية فيليكس تشيسكيدي الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي.
ويشكل "سهد النهضة العظيم" المبني في شمال غرب إثيوبيا بالقرب من الحدود مع السودان على النيل الأزرق الذي يلتقي بالنيل الأبيض في الخرطوم، مصدر توتر بين الدول الثلاث منذ وضع حجر الأساس له في نيسان/ابريل 2011.
وتريد مصر والسودان التوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأن تشغيل السد قبل ملئه. لكن إثيوبيا تقول إن هذه العملية جزء لا يتجزأ من بنائه ولا يمكن تأجيلها.
ورغم اخفاق المفاوضات، صرح وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي الأربعاء أن بلاده ستواصل ملء خزان السد الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، خلال موسم الأمطار المقبل الذي يفترض أن يبدأ في حزيران/يونيو أو تموز/يوليو.
وقال الوزير الاثيوبي في مؤتمر صحافي "مع تقدم البناء يتم ملء" السد. وأضاف "لن نتخلى عن ذلك".
أعلنت أديس أبابا في 2020 إكمال المرحلة الأولى من عملية ملء السد محققة هدفها المحدد ب4,9 مليارات متر مكعب مما سمح باختبار أول توربينتين من السد. وقد حددت لهذه السنة هدف ملء 13,5 مليار متر مكعب إضافية.
في الخرطوم، لوح وزير الري السوداني ياسر عباس، في مؤتمر صحافي الاربعاء، باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي.
وقال عباس "نعم السودان الخيارات أمامه مفتوحة بما فيه العودة إلى مجلس الامن الدولي".
وأضاف "لدينا تحوطات في عدة مسارات أولها الفني"، مشيرا إلى "مسار للتصعيد السياسي .. وفق القانون الدولي" إذا واصلت إثيوبيا ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق.
ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من القاهرة الاربعاء رسالة مماثلة لإثيوبيا، وقال "نقول للأشقاء في إثيوبيا أفضل ألا نصل إلى مرحلة المساس بنقطة مياه من مصر لأن الخيارات كلها مفتوحة".
وحذّر السيسي من عواقب مواجهات الدول، دون توضيح، مؤكدا أن "التعاون والاتفاق أفضل كثيرا من أي شيء آخر".
وقال "أراد الله أن تنزل المياه هناك (إثيوبيا) وأن تصل إلى هنا (مصر) .. وما فعله ربنا لن يغيره البشر".
في نهاية الشهر الماضي حذّر الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي من المساس بمياه مصر وقال بكل حسم "نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر (..) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد".
يتوقع أن يصبح سدّ النهضة أكبر مصدر لتوليد للطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاوات.
وتقول إثيوبيا إن الطاقة الكهرومائية التي ينتجها السد ضرورية لتلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة من الكهرباء.
لكن مصر التي يؤمن لها النيل نحو 97% من مياه الري والشرب ترى في السد الإثيوبي تهديدًا لإمدادها بالمياه.
أما السودان فيخشى أن تتضرر سدوده إذا ملأت إثيوبيا سد النهضة بالكامل قبل التوصل إلى اتفاق.
وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي الثلاثاء في ختام المحادثات إن إثيوبيا "تهدد شعوب حوض النيل، والسودان بشكل مباشر".
وأضافت أنه "بدون برنامج جديد (للمحادثات)، أمام إثيوبيا طريق واسع لتعريض شعوب المنطقة والقارة الإفريقية بأكملها لخطر داهم".
وعبر وزير الري الإثيوبي الأربعاء عن أسفه لأن المفاوضين المصريين والسودانيين سعوا في كينشاسا إلى زيادة مشاركة مراقبين من جنوب إفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتعارض إثيوبيا ذلك مشيرة إلى الحاجة إلى إعطاء الأولوية للعملية التي تقودها رئاسة الاتحاد الأفريقي الذي يتخذ من أديس أبابا مقرا له.
وقالت وزارة الخارجية الاثيوبية مساء الثلاثاء إنه من المقرر أن تستأنف المحادثات قبل نهاية الشهر الجاري.