مفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، برعاية الاتحاد الأفريقي الذي ترأسه دولة جنوب أفريقيا، تسير بصعوبة بالغة رغم أن المفاوضات جارية بالفعل، إلا أن مسألة السير بصعوبة تجعل مستقبل المفاوضات ضبابيّاً، إذ شددت الحكومة المصرية، قبل جولة المفاوضات الأخيرة، على ضرورة التوصل في أقرب فرصة ممكنة إلى اتفاق على سد النهضة، وخصوصاً، قبل بداية المرحلة الثانية من ملئه، وبما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ويؤمن في الوقت ذاته حقوق مصر ومصالحها المائية.
الغريب أن هذا الأمر يأتي بعد تصريحات عدائية من دبلوماسيين إثيوبيين سابقين، تصل إلى حد توجيه اتهامات إلى مصر، حيث كان مصدر هذه التصريحات سفير سابق لأديس أبابا في القاهرة، مع العلم بأن هذا السفير كان من أنصار رأب الصدع وهو في مصر، وكان حريصاً على عدم التورط في تصريحات تستفز مصر بأيّ شكل من الأشكال.
ولكن مصر أحسنت أنها لم ترد على هذه التصريحات العدائية، ولم تنشغل عن القضية الأصل، وهي قضية سد النهضة، إذ فوتت على أديس أبابا ـ إذا كان الموقف الرسمي هو موقف التصريحات الأخيرة ذاته ـ فرصة إثارة نقطة خلاف جديدة بين الجانبين في سبيل الانشغال عن القضية الأساسية.
النظرة الضبابية لمستقبل المفاوضات ترافقها نظرة أخرى أكثر إيجابية، وهي أن الاتحاد الأوروبي مثلاً يبدى تفاؤله بالتوصل إلى حل يُرضي جميع الأطراف، حيث أصدر بياناً رحب فيه بالمفاوضات، وتوقع أن تصل المحادثات إلى وضع أساس مقبول للملء والتشغيل، وقال إنه يوفر فرصة مهمة للتقدم للأمام، والاتفاق على قواعد واضحة لملء سد النهضة.
كما أن جنوب أفريقيا باعتبارها رئيس الاتحاد الأفريقي في هذه الدورة، تسعى بشكل كبير للتوصل إلى حلٍّ، من باب أنها تقوي الاتحاد الأفريقي لأهمية ذلك على المدى الطويل.
بين نظرات إيجابيّة وأخرى سلبية للوضع القائم في ملف سد النهضة تبرز نقاط خلافية بين الأطراف، وهي التي تجعلنا نتساءل: من يستطيع حلها، إذا كانت أمريكا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، بصفتهم رعاة المفاوضات في أوقات عدة، لم يستطيعوا حلها؟
أعتقد أن الإجابة في هذا الشأن واحدة لا تتغير، وهي أن الدول الثلاث أطراف الأزمة هي فقط التي تستطيع حلها.