جنين (الاراضي الفلسطينية): أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء إنهاء عملية واسعة استمرت يومين في جنين بشمال الضفة الغربية المحتلة قُتل فيها 12 فلسطينيا وجندي إسرائيلي، بعد غارات شنها فجرًا على غزة ردًا على إطلاق صواريخ من القطاع.
باشرت القوات الإسرائيلية انسحابها من منطقة جنين مساء الثلاثاء. وأفادت ناطقة باسم الجيش الأربعاء وكالة فرانس برس "العملية انتهت رسميا وغادر الجنود منطقة جنين".
شن الجيش الإسرائيلي فجر الاثنين أوسع عملية له منذ سنوات عدة في الضفة الغربية المحتلة شارك خلالها عدد كبير من الجنود والمدرعات بمؤازرة مسيّرات شنت هجمات جوية وجرافات عسكرية.
وقال الناطق باسم الجيش الاسرائيلي دانئيل هجاري إن "لواء المغاوير انسحب" من مخيم جنين حيث قال الجيش إنه عثر على مخابئ ومخازن أسلحة ونفق تحت الأرض يستخدم لتخزين المتفجرات.
وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى إن الهجوم الإسرائيلي أسفر عن سقوط 12 قتيلًا، بينهم خمسة فتيان، وأكثر من 140 إصابة، بينها نحو 30 إصابة حرجة".
في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده "بالرصاص الحي" مساء الثلاثاء خلال العملية.
والأربعاء شوهدت ارتال مدرعات الجيش اسرائيلي تنسحب من جنين ومخيمها اللذين اتشحا بالسواد جراء الدخان الكثيف الذي غطى المباني التي لحقت أضرار بعدد كبير منها.
وأغلقت المحلات التجارية في جنين وسط إضراب عام. وتجمع آلاف الفلسطينيين في شوارع جنين رافعين الأعلام الفلسطينية ورايات الفصائل وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا شهيد ...والشهيد حبيب الله"، استعدادا لتشييع جثامين "شهداء جنين".
وفي المخيم، تفقد السكان الدمار الواسع النطاق الذي خلفه الجيش الإسرائيلي حيث دمرت جدران مبان أو أحدثت فيها فجوات وتُركت السيارات كتلًا محطمة وتناثرت أغطية الرصاص الفارغ والزجاج المكسور في الشوارع.
نزوح
وتسببت العملية العسكرية بنزوح ما لا يقل عن 3000 من سكان المخيم. وفتحت المدارس والكنائس في محيط جنين أبوابها لايوائهم.
وقال رئيس بلدية جنين نضال ابو صالح لوكالة فرانس برس ان "الاخطر هو ما حدث داخل المخيم حيث لا كهرباء ولا ماء ولا طرق لمن يحتاجون للذهاب الى المستشفى".
وقال عماد جبارين أحد الذين غادروا المخيم الذي انتشرت فيه الأنقاض، "دمرت جميع جوانب الحياة، لا كهرباء ولا اتصالات ... نحن معزولون عن العالم إلى حد ما".
يقع مخيم جنين للاجئين في الجانب الغربي للمدينة على اطراف سهل مرج بن عامر. وهو منطقة صغيرة ومكتظة يسكنها 18 ألف شخص ويعد منذ فترة طويلة معقلا للمقاومة الفلسطينية المسلحة بما في ذلك الجهاد الإسلامي وحماس.
ودانت وزيرة الصحة الدكتورة مي الكيلة "تصعيد قوات الاحتلال واستهدافها للمرافق الطبية والمستشفيات وطواقم الإسعاف في مدينة جنين."
وقالت "إن قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي وأطلقت النار داخل ساحته ما أدى إلى وقوع 3 إصابات بينها إصابتان خطيرتان، وكذلك اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى ابن سينا بالمدينة".
كما نددت جمعية أطباء بلا حدود الخيرية الطبية بإطلاق القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع داخل مستشفى خليل سليمان في جنين ووصفته بأنه "غير مقبول".
ووصفت وزارة الخارجية الفلسطينية التصعيد بأنه "حرب مفتوحة على أهالي جنين".
فجر الأربعاء، شنت أسرائيل غارات جوية على قطاع غزة بعدما اعترضت خمسة صواريخ أطلقت باتجاه أراضيها من القطاع. وأفادت مصادر أمنية فلسطينية أن الغارة استهدفت موقعا عسكريا لحركة حماس في شمال غزة من دون وقع إصابات.
من جهته قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية "بعد دحر الاحتلال من جنين. كل الخيارات لإسناد جنين كانت على الطاولة ... أوصلنا رسائل واضحة للعدو ... بأن المقاومة في الساحات كافة ليست في منأى عما يجري، وعلى العدو أن يوقف عدوانه فوراً".
وحيت سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الاسلامي "ابطال معارك جنين". وقالت "ان كتيبة جنين تتحدى المؤسسة الأمنية ورقابتها العسكرية بالكشف عن عدد القتلى والجرحى وما حصل مع جنوده (الجيش) ... وهو يعلم تماماً عن ماذا نتحدث".
وكان وزير الطاقة والبنى التحتية يسرائيل كاتس هدد الاثنين عبر القناة 12 مع انطلاق العملية في جنين باغتيال قادة حماس والجهاد في حال إطلاق قذائف صاروخية من القطاع باتجاه إسرائيل.
وقال "إننا نقلنا تحذيرات شديدة جدا، بشأن ما سيحدث إذا تدخلوا". وأضاف أن "حماس مرتدعة منذ عملية حارس الأسوار ولم تطلق أي صاروخ منذئذ، والجهاد الإسلامي مرتدعة منذ العملية العسكرية الأخيرة، وتلقت ضربات شديدة حينها".
وخلال زيارة إلى قاعدة عسكرية قرب جنين، تعهّد نتانياهو "بالقضاء على الإرهاب"، قائلا "لن نسمح لجنين أن تعود لتكون حاضنة للارهاب".
وفي تل أبيب الثلاثاء، خلفت عملية دهس وطعن سبعة جرحى ثلاثة منهم في حالة خطيرة، قبل أن يُقتل منفذها الفلسطيني.
وارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع كانون الثاني/يناير إلى ما لا يقلّ عن 190 فلسطينياً، و25 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي.
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون.
يعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون يهودي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.