اسطنبول: يصوت الناخبون الأتراك الأحد في الدورة الثانية من الانتخابات التي سيتقرر بنتيجتها طي صفحة رجب طيب إردوغان أو استمرار حكمه، على أن يستهل في حال فوزه عقداً ثالثاً على رأس البلاد.
ويخوض إردوغان الموجود في السلطة منذ عشرين عاماً هذه الدورة الثانية غير المسبوقة في الانتخابات الرئاسية، في موقع الأوفر حظاً في مواجهة الاشتراكي-الديموقراطي كمال كيليتشدار أوغلو.
وفتحت مكاتب الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (الساعة 5 ت غ) على أن تقفل عند الساعة 17,00 (الساعة 14,00 ت غ). وسبق لأتراك الشتات أن أدلوا بأصواتهم. ويتوقع صدور النتائج مساء.
دعا كيليتشدار أوغلو الناخبين إلى "التصويت من أجل التخلّص من نظام استبدادي"، بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع في العاصمة أنقرة.
كذلك، دعا المقترعين إلى البقاء قرب مراكز الاقتراع بعد إغلاقها لأن "هذه الانتخابات جرت في ظروف صعبة جدًا".
من جهته، دعا إردوغان المواطنين "إلى المشاركة والتصويت من دون تقاعس".
وأتت إردوغان بتصريحاته بعدما أدلى بصوته في حيّ أسكدار برفقة زوجته أمينة.
في الدورة الأولى من الانتخابات، بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 87 بالمئة.
ومن المقرر أن يصل إردوغان إلى أنقرة مساء الأحد.
في حي شيشلي السكني في اسطنبول كان أوزير اتايولو المهندس المتقاعد البالغ 93 عاماً بين أوائل المقترعين "أحضر دائماً في وقت مبكر لأكون أول المقترعين لأني أؤمن بالديموقراطية ومسؤوليتي كمواطن".
في العاصمة أنقرة، أكدت زرين آلان (55 عاما) أنها "متحمسة جداً حتّى أنني لم أتمكن من النوم. آمل ألا تشهد هذه الانتخابات تزويراً".
وعلى الناخبين البالغ عددهم 60 مليوناً الاختيار بين رؤيتين للبلاد.
فإما الاستمرارية مع جنوح محتمل إلى السلطوية مع الرئيس الحالي الإسلامي المحافظ البالغ 69 عاما، أو العودة إلى الديموقراطية الهادئة بحسب كلام خصمه وهو موظف عمومي سابق يبلغ الرابعة والسبعين.
دعم إردوغان
وتشهد نسبة 49,5 % من الأصوات التي حصل عليها إردوغان في الجولة الأولى في 14 أيار/مايو على الدعم الواسع الذي لا يزال رئيس بلدية اسطنبول السابق يلقاه في صفوف المحافظين رغم التضخم الجامح في البلاد.
وتجلى هذا الدعم حتى في المناطق المنكوبة التي ضربها الزلزال العنيف في السادس من شباط/فبراير وأسفر عن سقوط ما لا يقل عن 50 ألف قتيل وتشريد ثلاثة ملايين آخرين.
ينافسه في هذه الجولة الثانية كمال كيليتشدار أغلو، "الجد الديموقراطي" كما يحلو لخبير الاقتصاد أن يقدم نفسه، والذي عجز عن استغلال الأزمة الاقتصادية الخطرة التي تثقل كاهل الأسر والشباب للتفوق على الرئيس الحالي.
ووعد كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، "بعودة الربيع" والنظام البرلماني واستقلالية القضاء والصحافة.
وقال المدرس أوغور برلاس البالغ 39 عاماً والذي سيصوت للمرشح المعارض و"التغيير"، "سئمنا من قمع النظام وسياسته".
إلا أن كيليتشدار أوغلو ليس الأوفر حظاً في الجولة الثانية بعدما حصل على 45 % من الأصوات قبل أسبوعين. فرغم الدعم المتجدد لحزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد، تظهر استطلاعات الرأي تخلفه خمس نقاط مئوية عن رئيس البلاد الذي حاز غالبية برلمانية في الانتخابات التشريعية في 14 أيار/مايو.
مليون مراقب
أصيب كيليتشدار أوغلو بصدمة بعدم فوزه في الانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى كما كان يتوقع معسكره إلا أنه عاد لموقع الهجوم بعد أربعة أيام على ذلك.
بسبب عجزه عن الوصول إلى وسائل الإعلام الرئيسية وخصوصاً محطات التلفزيون الرسمية المكرسة لحملة إردوغان، شن كيليتشدار أوغلو حملته خصوصاً عبر تويتر فيما كان أنصاره يحاولون حشد الناخبين مجدداً من خلال زيارات منزلية في المدن الكبرى.
والهدف استقطاب 8,3 ملايين ناخب مسجل لم يصوتوا في الانتخابات في 14 أيار/مايو رغم نسبة المشاركة العالية التي بلغت 87 %.
في المقابل، كثف إردوغان من تجمعاته الانتخابية مستندا إلى التغيرات التي فرضها في البلاد منذ توليه السلطة كرئيس للورزاء في 2003 ومن ثم كرئيس اعتبارا من 2014.
وأكثر إردوغان الذي رفع الحد الأدنى للأجور ثلاث مرات في غضون سنة، من الوعود السخية خلال الحملة ومنها تقديم منح للطلاب الذي فقدوا أقارب جراء الزلزال.
وقال إردوغان السبت "الأحد يوم مميز لنا جميعا. لقد ولى زمن الانقلابات والحكم العسكري".
في آخر نشاط له في الحملة الانتخابية توجه السبت إلى ضريح مرجعه السياسي رئيس الوزراء القومي-الإسلامي السابق عدنان مندريس الذي أطاح به عسكريون واعدموه في العام 1961.
ويحل موعد الجولة الثانية من الانتخابات في الذكرى العاشرة لانطلاق تظاهرات "غيزي" التي بدأت في اسطنبول وعمت البلاد. وشكلت هذه التظاهرات أول موجة احتجاج على حكم إردوغان وقمعت بشدة.
وقالت المتقاعدة زيرين التيالي البالغة 60 عاماً إن الأهم الأحد أن يكون الاقتراع "نزيهاً" و ألا يشوبه "أي تزوير".
لهذه الغاية، قررت المعارضة نشر "خمسة مراقبين لكل صندوق اقتراع" أي ما مجموعه مليون شخص لمراقبة مجريات التصويت.
وخلصت بعثة مشتركة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا إلى أن الدورة الأولى جرت في "أجواء تنافسية" وإن "محدودة" بسبب "التقدم غير المبرر" الذي منحته وسائل الإعلام الرسمية لإردوغان.
ويتابع حلفاء تركيا ولا سيما في حلف شمال الأطلسي عن كثب نتائج الانتخابات التي يفترض أن تصدر مساء الأحد.