كلاغنفورت (النمسا): يحلم "حزب الحرية النمساوي" اليميني المتطرف بالعودة إلى السلطة بعدما أطاحته فضيحة فساد قبل أربع سنوات، ويعلن قائده الراديكالي "لن يتمكن أحد من وقفنا".
يخطب هربرت كيكل في حوالى ثلاثمئة مناصر متجمعين في كلاغنفورت في جنوب البلاد، حيث تجري الأحد انتخابات محلية، وقد عزز موقعه على ضوء استطلاعات للرأي إيجابية.
ويعدد وزير الداخلية السابق البالغ 54 عاما المواضيع التي تثير قلق مواطنيه، ذاكرا التضخم والحرب والجائحة والهجرة، ويعد بمنع تنفيذ "البرنامج الضخم لاستئصال جذور المواطنين العاديين" الذي يتهم "النخبة السياسية" بالسعي إلى تطبيقه.
وحقّق كيكل المنادي بسياسة متشددة، نجاحه بفضل دفاعه عن "حياد" النمسا منددا بالدعم الذي منحه الرئيس ألكساندر فان دير بيلن المناصر للبيئة لأوكرانيا والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو بعد غزوها البلد المجاور.
وقال كيكل إن الرئيس "ينسى أنه ليس على رأس بلد من بلدان الحلف الأطلسي" مثيرا تصفيق الحشد.
أظهر "حزب الحرية النمساوي" قدرته على الصمود. فبعدما تراجعت شعبيته عام 2019 إثر بث مقطع صور بواسطة فيديو خفية في جزيرة إيبيزا الإسبانية يظهر رئيسه السابق هاينز-كريستيان شتراخه يعرض على امرأة تدّعي أنها مقربة من مستثمر روسي عقوداً عامة في النمسا مقابل دعم حملة حزبه، قام التشكيل السياسي بإعادة ترتيب صفوفه.
تولى هربرت كيكل رئاسة الحزب عام 2021 بعد تمضية فترة مضطربة في الحكومة بين 2017 و2019، فنجح في طي صفحة "إيبيزاغيت" وحشد الناخبين مجددا.
ويتصدر الحزب نيات الأصوات للانتخابات التشريعية في 2024، مع حصوله على نسبة 29 % من الأصوات، متقدما بفارق كبير على المحافظين الحاكمين حاليا مع الخضر، وعلى الاشتراكيين الديموقراطيين (27 % لكل من التشكيلين).
ولطالما اعتبر كيكل الذي درس الفلسفة والتاريخ والتواصل والعلوم السياسية، "مفكر" الحزب.
وحين تولى رئاسة الحزب، قاده في منعطف "معاد للقاح" في وقت كان البلد يخضع لتدابير صحية صارمة لمكافحة كوفيد-19، وصلت إلى حد حجر الأشخاص غير الملقّحين.
المسائل المقلقة
وقال الناشط فابيان نيكولاش على وقع موسيقى فرقة فولكلورية "احتجزونا وفرضوا علينا تلقيحاً إلزامياً".
وأوضح الناشط البالغ 24 عاماً "خلال كوفيد، كان حزب الحرية الوحيد الذي وقف بجانب الناس"، مؤكداً أنه انتسب إلى الحزب لهذا السبب، مثنيا على غرار آخرين في الحشد على خطاب الحزب الصريح.
وذكر ويلفريد هاسلماير (48 عاماً) من المسائل المقلقة ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة عدد طالبي اللجوء عام 2022.
يظهر هربرت كيكل على اللافتات الانتخابية الموزعة في هذه المنطقة الجبلية مرتديا بدلة عسكرية، تحت شعار "النمسا قلعة - حدود مغلقة، أمن مضمون".
وهو بات يطالب بانتخابات مبكرة على ضوء نتائج استطلاعات الرأي، لكن الرئيس البالغ 79 عاما ألمح في نهاية كانون الثاني/يناير إلى أنه قد لا يكلفه تشكيل حكومة حتى إن فاز حزبه في الانتخابات.
توقعات الانتخابات المقبلة
وأوضح المحلل السياسي يوهانس هوبر أن حزب الحرية بقيادة هربرت كيكل "لم يعد لديه أي حدود لمحاولة الفوز" بالرأي العام.
ورأى أن الحزب يستفيد كذلك من ضعف مزمن في موقع الحزب الاجتماعي الديموقراطي الذي "لم يعد يدري ما هو هدفه الانتخابي" في ظل انقسامه ما بين الطبقة العاملة ومثقفي المدن.
أما المحافظون، فخسروا زعيمهم سيباستيان كورتس الذي اضطر إلى الاستقالة عام 2021 بعد فتح تحقيق بحقه في قضية فساد.
وقد يسعى المحافظون للبقاء في حكومة بقيادة حزب الحرية الذي سبق أن اختاروه مرتين حليفاً لهم يحظى بأقلية.
وأشار الخبير إلى أن "هربرت كيكل يبقى الشريك الأكثر جاذبية لخدمة مصالح ناخبيهم".
وأضاف "لا أستبعد إطلاقاً بعد الانتخابات المقبلة أن يتمكن حزب الحرية بفضل هربرت كيكل من الفوز بالمستشارية"، ما سيشكل سابقة في البلد البالغ عدد سكانه 9,1 ملايين نسمة.