إيلاف من لندن: فيما اعتبره مراقبون رسالة ود قد تفتح حوارا أو مصالحة مع الصدر فقد وجه السوداني له ولانصاره الاحد رسالة مؤثرة لمناسبة ذكرى اغتيال والده وشقيقه معتبرا انه ترك إرثاً كبيراً في ترسيخ مفهوم العدالة ورفض مهادنة الشر.
فقد قدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم الى الصدر في الذكرى 24 لاغتيال والده آية الله محمد محمد صادق الصدر وشقيقيه مؤمل ومصطفى من قبل النظام السابق في 19 فبراير عام 1999 "التعازي لسماحة السيد مقتدى الصدر وكل أتباع ومحبي السيد الشهيد ونحيّي من سار على دربه أو اقتبس من فضائله" كما قال في بيان تابعته "ايلاف".
وأضاف السوداني الذي عارض الصدر ترشيحه لرئاسة الحكومة واخرج تظاهرات واسعة ضده "بحزن وأسى نستذكر ألم الجريمة وفاجعة الخسارة باستشهاد آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر، ونجليه الكريمين، ولا نحتسبهم إلّا مع جمع الأبرار والشهداء والأنبياء والأوصياء في علّيين، أحياء عند ربّهم يرزقون، فرحين بما وعدهم الله صدقاً".
آية الله السيد محمد محمد صادق الصدر اغتيل في النجف مع ولديه مؤمل ومصطفى -والد وشقيقي مقتدى- في فبراير عام 1999 (تويتر)
وقال السوداني "كانت تلك الجريمة، قمّة ما وصل إليه النظام الدكتاتوري من غطرسة، إذ أوغل مجرمو البعث الصدامي في القتل والغدر، متوهمين أنهم بذلك يكسرون إرادة الشعب العراقي، ويكمّمون أفواه الحق، مثلما توهموا أنهم بقتلهم السيد الشهيد سيُنهون تراث المقاومة والرفض، ويطفئون جذوة الإيمان والاعتقاد الراسخ، فخاب فألهم وارتدّ إلى نحورهم".
وأشار الى ان "السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قد ترك إرثاً كبيراً في ترسيخ مفهوم العدالة ورفض مهادنة الشر، مثلما عُرف بذلك علماؤنا الفضلاء الكرام رضوان الله عليهم". وبين انه "اليوم في ذكرى رحيله الرابعة والعشرين، نجدد التعازي لسماحة السيد مقتدى الصدر وكل أتباع ومحبي السيد الشهيد ونحيّي من سار على دربه أو اقتبس من فضائله الممتدة إلى رسالة المصطفى محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وآل بيته المطهرين. الرحمة والرفعة والخلود لكل شهداء العراق والخزي والعار للقتلة والمجرمين".
أول مبادرة منذ 8 أشهر
وفيما لم يعرف بعد فيما اذا كان الصدر سيرد على تعزية السوداني له لبدء حوار بين الطرفين فانها شكلت الاتصال غير المباشر الاول من نوعه منذ 8 اشهر حين اعلن الصدر في يونيو حزيران 2022 مقاطعته للعملية السياسية في البلاد واستقالة نوابه الـ73 من البرلمان برغم انهم يشكلون اكبر كتلة برلمانية افرزتها الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الاول اكتوبر عام 2021 حيث جاءت الاستقالات بسبب رفض التحالف الشيعي تشكيل حكومة اغلبية كما كان يدعو الصدر حيث كان التحالف يضغط لتشكيل حكومة توافقية كما هو المعمول به منذ عام 2003 على الرغم من فشل هذه التجربة وتسببها في مشاكل العراق الامنية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان اول تحرك للصدر بعد ذلك في 13 كانون الثاني يناير الماضي
حين نظم تياره في بغداد ومحافظات خارجها صلاة جمعة شيعية سنية موحدة شارك فيها الالاف من اتباع ومناصري التيار الصدري اعتبرت عودة له الى المشهد السياسي منذ حزيران 2022 .
وفي مشهد عده مراقبون تأكيد على استمرار قوة التيار الصدري وقدرته على تحشيد انصاره ومؤيديه فقد اكد الصدر في خطبتها على ضرورة الاستمرار في اقامة صلاة الجمعة الموحدة حتى لو مات وذلك "لتأكيد حب الاصلاح ومعاداة الباطل واهله والفساد والفحشاء وقول الحق في زمن ندر فيه قول الحق.. منوها الى انها "علمتنا بغض الاحتلال والاستعمار وأفكاره واتباعه وما مقاومتنا للاحتلال الا ثمرة من ثمارها" في اشارة الى رفع تياره السلاح بوجه القوات الاميركية لدى غزوها العراق عام 2003 .
وأوصى الصدر انصاره قائلا "الجمعة في ذمتكم فأستمروا على صلاتها ولو مات مقتدى الصدر فهي عز الدين والمذهب والوطن".
ومنذ ذلك الوقت لم تشهد البلاد نشاطا جماهيرا واسعا للصدر الذي اكتفى بكتابة تغريدات على حسابه في موقع تويتر في بعض المناسبات المحلية والخارجية.
التيار الصدري والانتخابات المحلية
وفيما تجري القوى السياسية مناقشة قانون جديد للانتخابات وتستعد الحكومة لاجراء انتخابات الحكومات المحلية في تشرين الاول اكتوبر المقبل فأن مراقبين يؤكدون ان التيار الصدري يتطلع من خلالها الى السيطرة على أكبر عدد منها في حال مشاركته فيها محققا أغلبية مريحة تغنيه عن التحالف مع أي حزب أو ائتلاف بعد ان كان البرلمان قد صوت في أواخر عام 2019 على حلها استجابة لمطالب المحتجين في الاتفاضة الشعبية التي شهدتها البلاد آنذاك والتي اتهمت تلك المجالس بالتورط في الفساد.
وتكتسي الحكومات المحلية أهميتها من كونها تشكل حلقة رئيسية في تنفيذ القرارات الحكومية واختيار المحافظين ولها تأثير كبير على القوى السياسية في أيّ استحقاق برلماني.
ويقول المراقبون ان ذلك يأتي فيما بدأت الاوساط الشعبية العراقية تعبر عن غضبها من ارتفاع ألاسعار وخاصة العذائية منها بسبب انخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار وفشل الحكومة في معالجة هذه المشكلة التي دخلت شهرها الثالث.
والد الصدر وشقيقيه اغتيلوا عام 1999
يشار الى ان المرجعُ الديني آية الله مُحمّد بن مُحمّد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل الصدر، وُلِدَ في مدينة الكاظمية ببغداد في 23 آذار مارس عام 1943 من أسرة آل الصدر العربية العلمية الدينية العريقة.
وقد ترعرع في أجواء العلم وحفظ القرآن والدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، وعُرِفَ منذ صغره بتحديه للأنظمة الحاكمة ومقارعتها، خاصة النظام السابق وتجلى هذا التحدي بإقامته صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، وتعميم إقامتها بمختلف المحافظات "حيث اتخذ من هذه الحركة الفريدة والنوعية منبراً لتوعية أبناء الأمة وكذلك لإشهار سخطه من السياسة المحلية والدولية" كما قالت الوكالى الرسمية.
وقد ارتدى الراحل الزي الديني وهو في الحادية عشرة من عمره وتخرج في الدورة الأولى من كلية الفقه عام 1964.
وقد شارك الراحل في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد النظام السابق وتم اعتقاله من قبل عناصر الأمن حيث تعرض الى أنواع التعذيب.
وبسبب دعواته الإصلاحية وجرأته أصبح الراحل مصدر إلهام روحي لكثير من العراقيين لاسيما الشباب الأمر الذي جعل النظام يشعر بخطورته فأقدم على اغتياله في التاسع عشر من شباط فبراير عام 1999 بعد ان تعرض لعملية ملاحقة من قبل سيارة مجهولة يستقلها اشخاص بعد خروجه من الصحن الحيدري في النجف باتجاه منزله في منطقة الحنانة برفقة نجليه مؤمل ومصطفى فأطلقوا النار على السيارة التي كان يستقلها مع نجليه فقتل ثلاثتهم ما ادى الى خروج تظاهرات غاضبة في بغداد وعدد من محافظات الجنوب.