إيلاف من الرياض: يتيح لنا الاحتفال المستمر بمرور 75 عامًا على استقلال الهند فرصة للتفكير في عقود من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الوثيقة بين الهند والمملكة العربية السعودية، بينما نتطلع إلى مستقبلنا معًا... هذا ما بدأ به الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة بالمملكة العربية السعودية، مقالةً له بعنوان "توسيع الشراكة الثقافية بين الهند والسعودية يرسم آفاقًا رحبة لمستقبل البلدين"، نشرها موقع صحفية "ذا تايمز أوف إنديا" الهندية، أكد فيها أن العلاقات الدبلوماسية السعودية - الهندية، منذ بدأها الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو في خمسينيات القرن الماضي، "مثلت حافزًا لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين بلدينا. ففي السنوات الأخيرة، استمرت هذه العلاقات الثنائية في النمو، بفضل زيارات تبادلها الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء ناريندرا مودي. وفي الآونة الأخيرة، أسفرت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز للهند في عام 2019 عن استثمار سعودي بقيمة 100 مليون دولار في البلاد".
أضاف الأمير بدر بن عبدالله: "توازى تركيزنا المتزايد على الثقافة، التي تعد مكونًا جوهريًا من مكونات الهوية الوطنية السعودية، مع استثماراتنا الاستراتيجية. وتتماشى رؤيتنا الطموحة للتحول الثقافي مع رؤية السعودية 2030، إذ نتطلع إلى تعزيز قطاع ثقافي يتعلم من أفضل الممارسات الدولية لرعاية المواهب المحلية، مع تعريف العالم بثرواتنا الثقافية. وبينما نستمر في الاسترشاد بإرث ثري، تماشيًا مع رؤية تستشرف المستقبل، نعتقد أن وجود نظام بيئي ثقافي مزدهر ونابض بالحياة ضرورةٌ لإطلاق ما في المملكة من إمكانات إبداعية، ولاستحداث فرص للتبادل الثقافي العالمي، وللمساهمة كذلك في تنويع مصادر الاقتصاد لتحقيق النمو الاقتصادي. إن شراكتنا القيمة مع الهند، التي تمثل سوقًا مميزًا بإمكاناته الهائلة إضافة إلى وجود جالية كبيرة في المملكة العربية السعودية، حجر أساس لتحقيق طموحنا".
توسيع الآفاق الثقافية
يعتزم وزير الثقافة السعودي من خلال وزارته تعزيز دور الأموال الحكومية مع جذب المستثمرين المحليين والدوليين، وإقامة شراكات مع الكيانات الثقافية الدولية. يقول الأمير بدر بن عبدالله في هذا الإطار: "ننظر إلى الهند بصفتها شريكًا يقدم آفاقًا رحبة، مع تعميق شراكتنا الثقافية. وبناءً على هدف رؤيتنا 2030 المتمثل في زيادة إنفاق الأسرة على الأنشطة الثقافية والترفيهية داخل المملكة من 2.9 في المئة اليوم إلى 6 في المئة، أرى أن ثمة إمكانات هائلة للتعاون المستقبلي، في إنتاج الأفلام وتعزيز حضور القطاعات الثقافية الأخرى بين الهند والسعودية".
يتابع الأمير بدر بن عبدالله: "رأينا العديد من أوجه التآزر من خلال سلسلة القيمة لصناعة الأفلام، مثل الإنتاج المشترك للمحتوى الموجه نحو الأسرة، وتطوير البنية التحتية ورعاية المواهب المحلية. وثمة خطوة متقدمة أكثر، هي زيادة توزيع الأفلام الهندية وعرضها في السعودية. ففي فبراير 2020، أنشأنا لجنة الأفلام، وهي واحدة من 11 لجنة مختصة في قطاعات تابعة لوزارة الثقافة، هدفها الرئيسي تحويل صناعة السينما السعودية إلى أحد أهم محركات النمو الاقتصادي في المملكة. ومع تسريع هيئة تطوير صناعة السينما السعودية من خلال مجموعة متنوعة من المشروعات، نأمل في الاهتداء بروح التعاون المعزز في قطاع الثقافة والسينما".
ووفقًا لوزير الثقافة السعودية، بلغ حجم سوق الأفلام والفيديو العالمي نحو 234.9 مليار دولار في عام 2020، بعد أن زاد بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 2.4 في المئة منذ عام 2015. ومتوقع أن يصل حجم هذه السوق إلى 318.2 مليار دولار بحلول عام 2025، و إلى 410.6 مليارات دولار بحلول عام 2030. ونظرًا إلى أن صناعة السينما الهندية واحدة من أكبر الصناعات وأشهرها في العالم، وبما أن السعودية تصبو إلى أن تتبوأ مركزًا عالميًا في صناعة الأفلام، بمساهمة متوقعة تبلغ 6.9 مليارات دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030، فهناك العديد من الفرص المتاحة لصناعة السينما في البلدين.
وبحسب الأمير بدر بن عبدالله، هناك الكثير من المجالات بين البلدين للتعاون وإنشاء المحتوى الملائم، للجمهور في البلدين، وللجمهور في العالم أيضًا، من الموهبة إلى الإنتاج والتوزيع والمعرفة الفنية.
تزايد عدد الشراكات التجارية
يقول الأمير بدر بن عبدالله في مقالته إن حجم التجارة البينية بين البلدين يبلغ راهنًا نحو 24.9 مليار دولار، وقد ارتفع بنسبة 94 في المئة مقارنة بالعام الماضي، "وأدى هذا النمو الهائل بلا شك إلى دعم الشركات السعودية والهندية للاستثمار في اقتصادي البلدين. ولدي سبب للاعتقاد أن هذا الاتجاه التصاعدي سيستمر في التصاعد، حيث نتطلع إلى تنمية قطاع الثقافة في السعودية بما يتماشى مع هدفنا المتمثل في المساهمة بنسبة ثلاثة في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2030".
يضيف: "ساعدتنا مناقشاتي مع الرؤساء التنفيذيين للتكتلات الاقتصادية في القطاعات الإستراتيجية في الهند في استكشاف مجالات جديدة للتعاون، من شأنها أن تعود بالفائدة على البلدين. ويساعد ذلك في تحقيق الرؤى الثقافية للبلدين من خلال زيادة الإنتاج الثقافي والمشاركة، ودفع النمو الاقتصادي واستحداث فرص العمل، وقبل كل شيء إثراء حياة السعوديين والهنود من خلال تعزيز الحضور الثقافي الناشط".
فمن أهم نتائج زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، للهند في عام 2019 إنشاء مجلس للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، "ومثّل هذا بدايةً لعصر جديد من التعاون في مختلف القطاعات، مثل التجارة والاستثمار والأمن، حيث العلاقات قوية وعميقة حاليًا وستتوسع أكثر فأكثر. فالهند رابع دولة تقيم معها المملكة شراكة استراتيجية لها مساران متوازيان: مسار سياسي وأمني وثقافي ومجتمعي برئاسة وزيري خارجية البلدين، ومسار اقتصادي واستثماري برئاسة وزير التجارة والصناعة الهندي ووزير الطاقة السعودي".
يتابع وزير الثقافة السعودي: "علاوة على ذلك، التعاون المستمر بين السعودية والهند في المجالات الحاسمة كالعمل المناخي والتنمية المستدامة يجعلهما حليفين قادرين على تعزيز الكفاح العالمي ضد تغير المناخ. وبينما نعمل على تحقيق التزاماتنا الصفرية الصافية، مهم جدًا تحديد الحلول المبتكرة والتعاونية لدعم الاقتصاد الذي يحد من الانبعاث الكربوني".
يختم الأمير بدر بن عبدالله، وزير الثقافة السعودي، مقالته في الصحيفة الهندية قائلًا: "تبقى الهند سوقًا ذات أهمية استراتيجية عالية بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، ونشهد زيادة مستدامة في فرص التعاون وتبادل المعرفة بين البلدين، فضلًا عن الاستثمارات المجدية والمعززة للنمو المتبادل. ومن خلال المشاركة المتسقة والهادفة مع الكيانات الحكومية والشركاء الاستراتيجيين في الهند، نتطلع إلى تعزيز هذا القطاع الواعد للغاية، حيث نسعى معًا إلى تشكيل مستقبل مشترك زاهر لبلدينا".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع صحيفة "ذا تايمز أوف إنديا"