: آخر تحديث

من الأحق بالتهجير؟!

4
5
2

خالد بن حمد المالك

جاءت أول إشارة عن النيَّة لتهجير الفلسطينيين في غزة من الرئيس الأمريكي ترامب، حيث أشار إلى أن إعادة بناء غزة تتطلب خروج بعض سكانها إلى عدد من الدول المجاورة، وقد ربط إعادة البناء بالتهجير، وكأنه تصريح لاكتشاف ردود الفعل، دون وجود أي تعليق من إسرائيل، أو من الفلسطينيين، أو من العرب.

* *

بعد أيام من هذا التصريح تحول الاقتراح إلى فعل، وإلى قرار، حيث كان اتصال الرئيس الأمريكي من طائرة الرئاسة بملك الأردن الذي أبلغه بهذا التوجه، معلناً بأنه سوف يتصل بالرئيس المصري لهذا الغرض.

* *

مقترح الرئيس ترامب الجاد سوف يوجه النازحون -إذا ما تم ذلك- إلى مصر والأردن ودولة ثالثة ربما تكون سوريا، ودولة آسيوية قيل إنها إندونيسيا أو إلى ألبانيا، وهي خطة أمريكية-إسرائيلية محكمة لتفريغ قطاع غزة من المواطنين، تمهيداً لضمه لإسرائيل، كما هو المخطط الآخر الذي تعمل عليه إسرائيل لضم الضفة الغربية.

* *

ومعلوم أن سكان قطاع غزة هم أساساً من المهجّرين من مساكنهم فيما يُسمى الآن بدولة إسرائيل عام 1948م، وهم الآن أمام تهجير آخر إلى المجهول، فمن خرج لن يعود، حتى وإن أعطت أمريكا وعوداً وضمانات، فإنها لن تفي بها.

* *

وبينما سارعت الأردن ومصر إلى رفض قبول أي مهجّر فلسطيني إليها، رحّبت إسرائيل بما دعا إليه الرئيس الأمريكي، واعتبرته خطوة على الطريق الصحيح ليعيش من يتم تهجيره بسعادة وهناء في أرض أخرى خارج أرضه، مع إشادتها بأقوى رئيس في العالم.

* *

على أن ما تم إعلانه يتصادم مع حقوق الفلسطينيين، ويخلق أزمة جديدة لهم ولمصر والأردن، ويحول دون تحقيق أملهم بدولة على أراضي حدود 1967م ما جعل السلطة الفلسطينية وكل الفصائل الفلسطينية تعلن عن رفضها، وتهيب بالشعب الفلسطيني أن يتفهم مغزاها وأهدافها، وبالتالي عدم الاستجابة لها.

* *

كما أن السيناتور الأمريكي (غراهام) يرى أن ما اقترحه الرئيس ترامب بأن يعيش الفلسطينيون في بلد آخر لا يبدو عملياً، وهو موقف يعزِّز المواقف المعارضة لهذه الخطوة حتى من داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

* *

الإسرائيليون يرون أنه من الحكمة أن تشجّع إسرائيل هذا المقترح، وتنفذ الحكومة مقترح ترامب بنقل السكان من غزة المدمرة إلى الأردن ومصر، وأنها فكرة عظيمة، فيما يرى البعض أنها جزء من خطة أوسع مما أعلنه الرئيس الأمريكي، وأنها لم تكن زلة لسان.

* *

كان على الرئيس ترامب أن يشجّع إسرائيل على القبول بخيار الدولتين، لا فتح شهية قادتها بإخلاء قطاع غزة من الفلسطينيين، بينما حلّ القضية الفلسطينية -كما يرى وزير خارجية الأردن- يأتي من القبول بأن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين، وأن حلَّ الدولتين هو الحل.

* *

الرئيس ترامب يفسِّر خطوته بأنه يريد أن يعيش الفلسطينيون في مكان خال من العنف، وفي مناطق أفضل، وأكثر أماناً وراحة، بينما كان عليه الطلب من الإسرائيليين العودة إلى دولهم، بدلاً من احتلالهم لأراض ليست لهم.

* *

ومع أن هذا التهجير القسري للفلسطينيين، غير ممكن تطبيقه، إلا أنه يكشف عن المؤامرة الكبرى بحق الفلسطينيين، وأن أمريكا مع التوسع الإسرائيلي في احتلال المزيد من الأراضي، وقد لا تكتفي باحتلال الأراضي الفلسطينية، وما هو تحت احتلالها في سوريا ولبنان.

* *

إن أطماع إسرائيل لا تنتهي، وعدوانها لن يتوقف، والقول بأن تهجير الفلسطينيين هو الأمر الوحيد الذي سيجلب الاستقرار لإسرائيل هو قول يتنافى مع إجماع العالم على أن أمن إسرائيل مرهون بقيام الدولة الفلسطينية.

* *

السؤال: أيهما أحق بالتهجير: الإسرائيليون أم الفلسطينيون؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد