قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إنه سيقاتل حتى آخر لحظة، وذلك ردًا على محاولات للإطاحة به من منصبه.
وأصبحت الإطاحة بخان أمرًا محتملا ربما خلال الساعات المقبلة، لا سيما بعد قرار المحكمة العليا في باكستان عدم دستورية منع إجراء تصويت برلماني على الثقة في حكومته كان أعضاء من الحزب الحاكم يسعون إلى إجرائه.
وكان حزب حركة الإنصاف الباكستانية، الذي ينتمي إليه خان، قد منع تصويتا يوم الأحد الماضي على حجب الثقة، والذي كان يتوقع كثيرون أن تأتي نتائجه ضد مصلحة رئيس الوزراء.
وفور منع التصويت، حلّت الحكومة الباكستانية البرلمان، ودعت إلى انتخابات مبكرة. لكن أعضاء من المعارضة الغاضبة تقدموا بالتماس إلى المحكمة العليا في البلاد للفصل في دستورية منع التصويت على حجب الثقة.
وفي وقت متأخر من الخميس، قالت المحكمة إن إجراءات التصويت ينبغي أن تمضي قدما.
وردًا على ذلك، دعا خان إلى اجتماع لحكومته، وأعلن أنه سيلقي بيانا إلى الأمة الباكستانية مساء الجمعة.
وفي تدوينة عبر تويتر، غرد خان، لاعب الكريكت السابق، قائلا: "رسالتي إلى الأمة هي أنني كنت دائما أقاتل من أجل باكستان، وسوف أستمر في القتال حتى الكرة الأخيرة".
وكان خان قد قاد منتخب بلاده في لعبة الكريكت للفوز بكأس العالم سنة 1992 فحظي بذلك بشهرة واسعة.
رد الفعل على قرار المحكمة العليا
لقي قرار المحكمة الصادر مساء الخميس ترحيبا شديدا من عشرات الأعضاء في المعارضة الباكستانية والذين كانوا قد تجمعوا أمام مبنى المحكمة.
وقال زعيم المعارضة في البرلمان شهباز شريف، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن قرار المحكمة جاء "محققا لآمال الشعب".
وكان أنصار خان الغاضبون يرددون هتافات معادية للولايات المتحدة الأمريكية.
وقد فصلت شرطة مكافحة الشغب بين الجانبين.
وأمرت المحكمة العليا في باكستان برلمان البلاد بالانعقاد مجددا السبت للمضي قدما في إجراءات التصويت، والمتوقع أن تأتي نتيجته ضد مصلحة خان.
وليس واضحا ما القرارات الأخرى التي يمكن لخان اللجوء إليها لتجنب هذه النتيجة، غير أنه وأعضاء حزبه في البرلمان يمكن أن يتقدموا باستقالة جماعية هربًا من هزيمة مُذلة، بحسب مراسل بي بي سي في إسلام عابد حسين.
ورأت المعارضة الباكستانية في قرار المحكمة العليا، الذي جاء بإجماع أعضائها، انتصارا للديمقراطية في البلاد. وتشير شائعات متداوَلة إلى دعم مؤسسة الجيش التي تحظى بنفوذ قوي في البلاد للمعارضة، بحسب مراسل بي بي سي.
وحال الإطاحة بحكومة خان، يُتوقع أن تعيّن أحزاب المعارضة رئيس وزراء جديدا، على أن يتولى هذا السلطة حتى شهر أغسطس/آب 2023، موعد إجراء انتخابات جديدة.
كيف وصلت الأمور لتلك النقطة؟
في الأيام التي سبقت طرْح مشروع تصويت حجب الثقة في البرلمان، كان خان قد اتهم المعارضة بالتواطؤ مع قوى أجنبية، قائلا إنه كان هدفا لمؤامرة بقيادة أمريكية تستهدف الإطاحة به وذلك انتقاما منه لرفضه مساندة واشنطن في مواجهة موسكو وبكين - وهو ما نفته الخارجية الأمريكية.
وفي الثالث من أبريل/نيسان الجاري، تقدّم نواب المعارضة إلى الجمعية الوطنية بمشروع لحجب الثقة عن خان، على أمل الحصول على أغلبية الأصوات.
لكنْ في مسار دراماتيكي للأحداث، سارع رئيس البرلمان قاسم سوري إلى إلغاء التصويت، قائلاً إن ثمة "اتصالاً واضحا" مع دولة أجنبية لإحداث تغيير في الحكومة الباكستانية.
من فورهم، تقدّم نواب في المعارضة بالتماس للمحكمة العليا في البلاد للفصل في دستورية خطوة منع التصويت.
وفي ليل الخميس، قضت المحكمة بعدم دستورية قرار رئيس البرلمان، قائلة إنها خطوة جاءت "بالمخالفة للدستور والقانون ولا يترتب عليها أي أثر قانوني". كما قضت المحكمة ببطلان قرار حل البرلمان.
ويترتب على حل البرلمان إجراء انتخابات عامة مبكرة في غضون 90 يوما، وهو ما كانت اللجنة العليا للانتخابات في باكستان قد أعلنت أنه غير ممكن.
ماذا نعرف عن عمران خان؟
كان خان لاعب كريكت قبل أن يمارس السياسة ويتقلد رئاسة وزراء باكستان عام 2018 متعهدا بمحاربة الفساد.
ولا يزال يحظى خان بشعبية بين كثيرين من أبناء شعبه، لكن غلاء المعيشة وتفاقم الدين الخارجي للبلاد، وغير ذلك من الفضائح أفقد خان بعضا من تلك الشعبية.
ويقول مراقبون إن خان فقد دعم الجيش، السند الأهم لأي زعيم باكستاني.
ويمثل قرار المحكمة العليا فصلا آخر في فصول الاضطراب السياسي في باكستان التي لم يكمل أي من رؤساء وزرائها مدة حكمه كاملة (خمس سنوات).
وماجت الساحة السياسية في باكستان خلال العقود الماضية بالفضائح السياسية، وممارسة الجيش نفوذه.
وشهدت باكستان انقلابات عسكرية وعمليات إطاحة بقادة منتخبين ديمقراطيا على نحو ترك البلاد تحكم حكم الجيش بشكل مباشر مدة 33 سنة من إجمالي 75 منذ الحصول على الاستقلال.
غير أن قيادة الجيش الحالية في باكستان تقول إنها ليست طرفا في التطورات السياسية الراهنة التي تعصف بالبلاد.