: آخر تحديث

سورية بين العدالة الانتقالية.. وبيئة القلق

4
5
6

يقول الصحفي اللامع علي السراي في تحقيق مميز بالزميلة صحيفة الشرق الأوسط: إنه "حين يرصد عراقيون الزلزال السوري هذه الأيام، لا يستطيعون فهم كيف حدث «التغيير» السريع من دون دبابات أميركية وقاذفات «بي 52»، ولماذا يصر السوريون على الاحتفال كل يوم بـ«الحرية» من دون «أجنبي»، حتى مع الظلال التركية الناعمة".

ويستذكر كيف أن العراقيين واجهوا بعد أشهر قليلة من سقوط نظام صدام حسين أعنف الأعمال الإرهابية، وتمددت في شوارع بغداد وبقية المدن حالة من الخوف، وبات الجميع يبحث عن إجابات لسؤال مركزي وهو الأمن. "ونسوا بديل صدّام والديمقراطية والنموذج الغربي الموعود، لتثبت الوقائع اللاحقة أن الجواب عن سؤال الأمن كان احتيالاً للتهرب من سؤال العدالة الانتقالية".

في سوريا، السيناريو كان مختلفًا. يتباهى حاكم سوريا أحمد الشرع بأن التحرير كان سوريًا، بعزيمة وسواعد السوريين وبنادقهم. لكن ذلك لا يخفي أن العالم ما زال يترقب صورة أبو محمد الجولاني التي لم تغب بعد، وأيضًا شخصية الحاكم المدني أحمد الشرع، وهي لن تكتمل إلا بعد ظهور قواعد العدالة الانتقالية للدولة السورية الموعودة.

لعل أصعب ما يواجه السلطة الجديدة في دمشق هو "بيئة القلق" لدى كل مكونات المجتمع السوري، وتلك جزء من الإرث الأسدي: القلق من التهميش والإلغاء في ظل خرائط سياسية متحركة تعصف بحدود الكيانات رياحُ المصالح الإقليمية والدولية.

سوريا تستحق أن تستعيد مكانتها ودورها وتميزها التاريخي.

السوريون جديرون بحياة تليق بتاريخهم، والتنوع الفكري والثقافي والعقائدي يزيدهم تميزًا، وهم أصحاب أرض الأربعين حضارة.

الجميع على رصيف الانتظار: انتظار ولادة هيئة صياغة الدستور لمعرفة أيُّ سورية ستكون قدر السوريين في الغد القريب.

أعمال العنف والتفجيرات التي شهدتها بعض المدن السورية خلال الأيام القليلة الماضية من شأنها تحصين "بيئة القلق" وإحياء الذاكرة على أهوال رحلة الدم في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام ٢٠٠٣. آنذاك، تبعثرت الأولويات، وتراجعت العدالة الانتقالية في بلد نخره الخراب البعثي.. وأصبح الأمن سيد المطالب!

بهدوء لافت، وخطاب متزن، يعمل السيد الجديد في قصر الشعب في دمشق على سد ثغور القلق لدى كيانات المجتمع السوري المختلفة. يريد أن يتوج التحرير بنصر بناء الدولة، وهو يدرك أيضًا وأيضًا أن سفينة بناء الدولة قد تمضي بما لا تشتهي رياح المصالح الإقليمية.

سوريا والعالم ينتظران سورية الديمقراطية الجامعة المتنوعة. الزمان والمكان لك، والوقت ليس في صالحك.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف