باريس: فيما تنشر فرنسا آلية غير مسبوقة لاستقبال الأشخاص الفارين من أوكرانيا، ترتفع أصوات متباينة حيال استقبال اللاجئين بين مرحب بالأوكرانيين ومطالب بمنع غير الأوكرانيين من الدخول.
ومن أصل أكثر من عشرة آلاف نازح وصلوا إلى الأراضي الفرنسية، كان 316 شخصا يمثلون 2,5% من العدد الإجمالي مواطنين من دول أخرى، بحسب بيانات أصدرتها وزارة الداخلية الجمعة استنادا إلى تدابير التدقيق التي تجريها الشرطة على الحدود.
ويراقب اليمين الفرنسي من كثب هذه الفئة من اللاجئين خشية أن يختلط رعايا دول أخرى بموجة النازحين سعيا للاستفادة من مساعدات سخية تخصصها أوروبا عملا بوضع "الحماية المؤقتة" الممنوح للأوكرانيين.
تعميم وزاري
غير أن التعميم الوزاري الصادر في 10 آذار/مارس والموجه إلى رؤساء الإدارات المحلية واضح بهذا الصدد، إذ ينص على أن الإذن المعطى للنازحين للإقامة بصورة قانونية في فرنسا والاستفادة من مجموعة واسعة من التقديمات الاجتماعية من إيواء ومساعدات ومدارس وإمكانية الحصول على عمل وعناية صحية، لا ينطبق على الجميع.
ويشمل التعميم المواطنين الأوكرانيين الذين كانوا يقيمون في أوكرانيا قبل 24 شباط/فبراير، تاريخ بدء الهجوم الروسي، و"رعايا دول ثالثة" كانوا يقيمون في البلد في هذا التاريخ بصفة لاجئين (أو بصفة موازية)، وأخيرا الأشخاص الذين كانوا "يقيمون بصورة قانونية" في أوكرانيا بموجب إجازة إقامة والذين "لا يمكنهم العودة إلى بلادهم أو المناطق التي يتحدرون منها في ظروف آمنة ومستديمة".
وأوضح مسؤول قضايا اللجوء في جمعية "لا سيماد" جيرار صدّيق "مفهوم العودة الآمنة هذا غير محدد".
فمن يُعتبر غير قادر على العودة إلى بلاده في هذه الظروف؟ هل ينطبق هذا على أفغاني أو سوري في ظل انعدام الاستقرار في بلادهما؟ أو على جزائري انغلقت بلاده مع تفشي الوباء؟ أو طالب لا يملك الموارد للعودة؟
وبدأ الغموض القانوني يلحق أضرارا جانبية على الحدود الفرنسية، إذ أفادت معلومات وردت فرانس برس أنه تم ردّ حوالى 15 شخصا غير أوكرانيين فروا من الحرب على الحدود الفرنسية الإيطالية بمعظمهم.
وأعلنت الإدارة المحلية في مقاطعة آلب ماريتيم (جنوب شرق فرنسا) "رفضنا قبول بعض المواطنين الباكستانيين والنيجيريين (أقل من 15) يحملون إقامات أوكرانية في الشريط الحدودي الفرنسي الإيطالي".
وأوضحت أنه "تم تسليم هؤلاء المواطنين من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي ولا يمكنهم بالتالي الاستفادة من الحماية الموقتة الممنوحة للأوكرانيين، إلى السلطات الإيطالية".
وهذا يطرح مشكلة برأي مديرة الجمعية الوطنية لمساعدة الأجانب على الحدود Anafe لور بالون التي قالت "الأمر لا يقتصر على الحماية الموقتة، إذ يتم ردهم مباشرة، بدون النظر في وضعهم، ويمنعون من طلب اللجوء مثلا".
وقال رئيس جمعية France Fraternites بيار هنري "من المنطقي أن يهرب المقيمون الأجانب أيضا من الحرب في أوكرانيا، فالقنابل لا تميز لون البشرة".
وتابع "غالبا ما يكونون طلابا، أشخاصا يملكون إقامات قصيرة. وبدل أن يعهد بوضعهم للإدارات المحلية التي تعجز بالأساس على مواجهة التدفق الاعتيادي، ينبغي اتخاذ إجراء موقت يتيح درس وضعهم، من خلال استقبال هؤلاء الأجانب على سبيل المثال لفترة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد".
وسئلت الوزيرة المنتدبة لشؤون المواطنة مارلين شيابا المكلفة استقبال غير الأوكرانيين عن المسألة، فقالت "لا أعتقد أن هناك ازدواجية في المعايير" مضيفة خلال مؤتمر صحافي "هناك حرب على أبواب أوروبا، ثمة تضامن واجب بهذا الصدد".
من جهته قال رئيس المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج ديدييه ليشي خلال المؤتمر الصحافي نفسه "نستخدم في إطار الاستقبال الأولي للأوكرانيين الفنادق نفسها" التي استخدمت لاستقبال الأفغان الذين تم إجلاؤهم من كابول الصيف الماضي بعد سيطرة حركة طالبان على البلد.
وأوضح أنه في ما يتعلق بمن "لا تنطبق عليهم معايير" الحماية الموقتة "سننظم المساعدة على العودة الطوعية إلى البلد الأم".
يبقى أنه لا بد للنازحين من الوصول إلى فرنسا قبل العودة إلى بلادهم.