إيلاف: أشاد توماس رايلي بعد تسلم مهماته منذ نحو شهر سفيرًا لبريطانيا لدى مملكة المغرب خلفاً لكارين كارين إليزابيث بِت، بالعلاقات العريقة التي تربط التاجين المغربي والبريطاني منذ أكثر من 800 عام.
وأكد السفير رايلي في مقال نشره موقع وزارة الخارجية البريطانية، وتعيد نشره "إيلاف"، أن العلاقة بين الرباط ولندن أقوى بكثير من أي وقت مضى، "وأنا أتطلع إلى البناء على هذه العلاقة لمواصلة تطوير شراكة قوية بين طرفين متكافئين في مختلف القطاعات التي تربط المغرب والمملكة المتحدة".
وفي الآتي نص المقال:
كانت زيارتي الأولى للمغرب عام 1998. وأعجبني البلد كثيرًا، فقررت أن أعود مرة أخرى في عام 2000. وقد تركت لديّ هاتان الزيارتان انطباعًا إيجابيًا هائلاً، عن بلد غني بتاريخه وثقافته وتنوعه. ولم أكن أعتقد أنني سأعود إلى هنا كسفير بريطاني، بعد 20 عامًا من زيارتي الأولى.
شرف عظيم
إنه لشرف عظيم وامتياز أن أعمل كممثل للمملكة المتحدة في المغرب. ويسرني أن أكون هنا الآن. والوصول خلال شهر رمضان هو نعمة إضافية. لقد استمتعت برمضان على مر السنين في الأردن والكويت ومصر، وأنا مسرور بمشاركته في المغرب أيضًا، وأتطلع كذلك إلى معرفة المزيد حول المغرب خلال مكوثي هنا. عائلتي (التي ليست معي بعد في الرباط) هي أيضًا متحمسة جدًا للانتقال إلى المغرب، وتتطلع إلى العيش والتعلم هنا.
تعود العلاقات بين المغرب والمملكة المتحدة إلى أكثر من 800 سنة، وهذا ما يفسر قوة ومتانة العلاقات بين البلدين. وبوصفي سفيرًا لبريطانيا، سوف أتبع خط أسلافي الذين لا يحصى عددهم. تعود العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين بلدينا إلى العهد الذي أرسلت فيه صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث الأولى سفراءها إلى ديوان السلطنة السعدية في المغرب. وفي المقابل، أرسل السلطان أحمد المنصور وزيره عبد الواحد بن مسعود سفيرًا مغربيًا لدى ديوان الملكة إليزابيث.
كان لهذا التعيين تأثير دائم على الثقافة البريطانية – يقال إن شخصية بطل شكسبير عطيل مستوحاة من عبد الواحد بن مسعود. وكانت تتحدث الملكة إليزابيث الأولى عن المغرب بعبارات حميمة جداً - “الصداقة والتعاون الكبيران القائمان بين التاجين”. دفء وتقارب بين النظامين الملكيين في بلدينا لا يزالان قائمين إلى يومنا هذا.
علاقات عريقة
وتنتظم العلاقات بين مجتمعينا على منوال هذه العلاقة الملكية، إذ يزور المغرب سنوياً أكثر من 600 ألف سائح بريطاني يجذبهم التاريخ والثقافة والجغرافيا والمناخ، وخصوصًا الود وكرم ضيافة شعب المغرب. أحد طموحاتي، خلال فترة وجودي هنا في المغرب، هو تشجيع المزيد من السياح البريطانيين لزيارة واستكشاف والتعرف على هذه المملكة الفريدة وعلى شعبها.
كما تتمتع المملكة المتحدة والمغرب بعلاقات تجارية وطيدة، حيث تبلغ قيمة التجارة الثنائية أكثر من ملياري جنيه استرليني سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، تعد المملكة المتحدة من بين أول ست دول مستثمرة في المغرب. ومن أولوياتي الأخرى، توطيد الشراكة بين الشركات المغربية والبريطانية لزيادة تعزيز هذه العلاقات التجارية والرفع من التجارة الثنائية من خلال الدعم المتبادل في المجالات التجارية المتخصصة.
الطاقة المتجددة
الطاقة المتجددة هي أحد هذه المجالات، حيث توجد بعض الفرص المثيرة للاهتمام. يسعى المغرب إلى توليد 52٪ من احتياجاته من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وتخفيض انبعاثاته من الغازات الدفيئة بـ32٪ بحلول عام 2030. وتظهر هذه الأهداف بوضوح عزيمة المغرب وطموحه في هذا القطاع، ويمكنه أن يصبح الرائد العالمي في مجال قطاع الطاقة المستدامة والمتجددة. وفي هذا السياق، فإن مدينة ورزازات، التي تشتهر بموقع تصوير فيلم لورانس العرب، رائدة من خلال محطتها للطاقة الشمسية؛ وهي واحدة من أكبر المحطات في العالم. ولدى المملكة المتحدة أيضًا خبرة كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، وفي تقنين أسواق الطاقة. كما يحتاج المغرب إلى الغاز لمحطاته الكهربائية، والشركات البريطانية في وضع جيد للعمل مع المغرب لتلبية هذه الحاجة.
الدبلوماسية البريطانية
وتركز السياسة الدبلوماسية البريطانية في شمال أفريقيا على بناء منطقة آمنة وسلمية ومزدهرة، ترتكز على القيم المشتركة لحقوق الإنسان والديمقراطية. ويتم دعم هذا الهدف عبر عدد من المشاريع التي يعتبر المغرب شريكًا رئيسيًا فيها. على سبيل المثال، وقعت مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية ومجلس المستشارين في البرلمان المغربي في بداية هذه السنة مذكرة تفاهم تهدف إلى دعم البرلمان في حماية حقوق الإنسان، وتبادل الخبرات لتقييم السياسة العامة ومساعدة مركز البحث البرلماني على تعزيز قدراته.
وهناك مجال آخر من مجالات الاهتمام المشترك وهو التربية والتعليم الجامعي. وإنني أتطلع إلى العمل مع المغرب على بناء روابط أكاديمية وتربوية أعمق بين بلدينا. المملكة المتحدة هي موطن لبعض من أفضل الجامعات في العالم، ونحن فخورون لمشاركتها مع قادة المستقبل المغاربة من خلال برنامج تشيفنينغ؛ وهو برنامج يمنح الفرصة للطلبة المغاربة للدراسة بجامعات بريطانية. واستفاد، حتى الآن، أكثر من 160 شابًا وشابة مغاربة من هذه المبادرة العظيمة، وآمل كثيرًا زيادة هذا العدد خلال فترتي كسفير.