: آخر تحديث
افتتاح قمة المناخ بمراكش وسط تنبيهات إلى أن اتفاق باريس لا رجعة فيه

ملك المغرب : مؤتمرنا اليوم لتحمل المسؤولية أمام الله والتاريخ

280
304
268

«إيلاف» من مراكش: ترأس العاهل المغربي، الملك محمد السادس، اليوم، بقرية المناخ، بـ"باب إيغلي"، بمراكش، افتتاح قمة رؤساء الدول والحكومات، المشاركين في الدورة الـ 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22).

وتميزت جلسة افتتاح هذه القمة، على الخصوص، بالخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي، فضلاً عن كلمتي بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وفرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي.

منعطف حاسم

أكد العاهل المغربي، في مستهل خطابه، أن مؤتمر مراكش "يشكل منعطفاً حاسماً في مسار تنفيذ "اتفاق باريس" التاريخي"، مشيراً إلى أن "البشرية جمعاء، تعلق آمالا عريضة، على القرارات التي سيتخذها"، وأنها "تنتظر أكثر من مجرد الإعلان عن التزامات ومبادئ للحد من الاحتباس الحراري والتخفيف من أثاره. وتتطلع الى قرارات تساهم في إنقاذ مستقبل الحياة على الأرض، والإقدام على مبادرات ملموسة، وتدابير عملية، تصون حقوق الاجيال القادمة".

واعتبر العاهل المغربي أن "انعقاد هذا المؤتمر بأفريقيا، يحثنا على إعطاء الأسبقية لمعالجة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، التي تزداد تفاقما بدول الجنوب والدول الجزرية المهددة في وجودها". ورأى أن "الاختلاف كبير بين الدول والمناطق، في ما يخص الثقافة المرتبطة بالبيئة، والأسبقيات عند الدول المصنعة، التي يقال عنها متقدمة، ليست هي نفسها بالنسبة للدول النامية. كما أن الفرق في الوسائل كبير بينها"؛ مشيراً إلى أنه "إذا كان من الطبيعي أن يدافع كل طرف عن مصالحه فإن القرارات التي يتم اتخاذها وفرضها، ليست دائما في متناول كل الدول". ولذا، يضيف العاهل المغربي، "فقد أصبح من الضروري، توحيد التربية على قضايا البيئة والتوعية بدورها المصيري، في ضمان مستقبل البشرية".

واعتبر العاهل المغربي أن "الالتزام بمواجهة إشكالية التغيرات المناخية، من خلال تطبيق "اتفاق باريس"، يجسد رغبتنا المشتركة في تعزيز التضامن بين الأجيال"؛ مشيراً إلى أن "هذا الانخراط يعد ضرورة أخلاقية، وواجبا إنسانيا، يجب أن يقوم على الإيمان بحتمية المصير المشترك، والتضامن الصادق بين الشمال والجنوب، لصيانة كرامة البشر".

جانب من جلسة افتتاح قمة رؤساء الدول والحكومات، المشاركين في (كوب 22)

مؤتمر الحقيقة والوضوح

ولاحظ العاهل المغربي أنه "تم تقديم وعود كثيرة، خلال العديد من المؤتمرات السابقة، غير أن مؤتمرنا اليوم، هو مؤتمر للحقيقة والوضوح، مؤتمر لتحمل المسؤولية أمام الله والتاريخ، وأمام شعوبنا". ثم تساءل: "فهل سيكون لمؤتمراتنا واتفاقاتنا معنى إذا نحن تركنا الفئات الأكثر هشاشة، هناك في الجزر المهددة بالزوال، وفي الحقول المهددة بالتصحر، في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، في مواجهة قدرها المليء بالمخاطر ؟".

ورأى العاهل المغربي أن "إشكالية البيئة هي إشكالية خطيرة، يجب التعامل معها بكل الجد والمسؤولية"، مشددا على أن "عهد الاستعمار قد ولى، كما ولى منطق فرض القرارات"، وأن "الأمر يتعلق بوجود الإنسان"، الشيء الذي "يقتضي منا جميعا العمل يدا في يد لحمايته".

خلال جلسة الإفتتاح

 

فعل شامل من أجل المناخ

بعد أن شدد على أنه "لا يجب إجبار الدول، منذ البداية، على القبول بقرارات لن تستطيع الالتزام بها"، شدد على أن "تكلفة الانتظارية، والتقصير في مواجهة تغير المناخ وآثاره، ستكون لها انعكاسات خطيرة، تهدد الأمن والاستقرار، وتزيد في اتساع بؤر التوتر والأزمات عبر العالم". لذلك، دعا، باسم المصير المشترك والمسؤولية التاريخية، كافة الأطراف، "للعمل على ترجمة تشبثنا بقيم العدل والتضامن، من خلال، أولاً: تمكين بلدان الجنوب، وخاصة الدول الأقل نمواً، والدول الجزرية، من دعم مالي وتقني عاجل، يقوي قدراتها، ويمكنها من التكيف مع التغيرات المناخية؛ ثانيا: وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها، وتعبئة المائة مليار دولار، على الأقل، بحلول سنة 2020، والتي كانت مفتاح "اتفاق باريس"؛ ثالثا: انخراط كافة الأطراف في تسهيل نقل التكنولوجيا، والعمل على تطوير البحث والابتكار في مجال المناخ؛ رابعا: إسهام الفاعلين غير الحكوميين، من مقاولات وجماعات ترابية، ومنظمات المجتمع المدني، في إعطاء دفعة قوية لمبادرات: الفعل الشامل من أجل المناخ".

من أجل عيش مشترك .. كريم ومستدام

في ختام كلمته، شدد العاهل المغربي على أن نتائج مؤتمر مراكش، "ستحدد بشكل حاسم، مصير الجيل الجديد لمؤتمرات الأطراف، والتي ينبغي أن تنكب على المبادرة والفعل"، مشدداً على أن "اتفاق باريس" ليس غاية في حد ذاته، بل إن نتائج مؤتمر مراكش تعد محكا حقيقيا، لمدى فعالية الالتزامات التي اتخذناها، ومصداقية الأطراف التي أعلنت عنها"، منتهيا إلى أنه "قد حان الوقت لإصلاح الوضع الراهن. وليس أمامنا أي خيار، إلا العمل على تدارك الزمن الضائع، في إطار تعبئة متواصلة وشاملة، وتناسق إيجابي، من أجل عيش مشترك كريم ومستديم، للأجيال المتعاقبة".

 بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عند إلقاء كلمته في افتتاح قمة رؤساء الدول والحكومات، المشاركين في (كوب 22)

تعزيز الجانب الأخلاقي

من جهته، دعا بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، المجموعة الدولية إلى "بلورة مقتضيات "اتفاق باريس" حول المناخ إلى سياسات ملموسة وإجراءات فعالة"، مؤكداً أن الأمر يتعلق بـ"عمل بالغ الأهمية لحماية كوكبنا، وإنقاذ الفئات الأكثر هشاشة، والمضي قدماً نحو الازدهار المشترك".

وشدد بان على أن "الأمم المتحدة ستظل رهن إشارة البلدان الأعضاء لتنفيذ "اتفاق باريس""، مضيفاً أنه "كلما تدخلنا بسرعة، كلما كانت مكاسبنا أكبر".

واستحضر بان تجربته على رأس المنظمة الأممية، فقال إنه تعلم، خلال السنوات العشر الماضية، ما لا يقل عن ستة دروس مهمة تتمثل، في أهمية وفعالية العمل متعدد الأطراف؛ في الحاجة الملحة لتدخل رؤساء الدول والحكومات، لأن قيادتهم السياسية والأخلاقية هي المفتاح لتنفيذ مقتضيات "اتفاق باريس"؛ وفي التزام المجتمعات، والحاجة الملحة للأمم المتحدة أن تظل في مقدمة البحث العلمي؛ والإصرار على ضرورة جمع الأموال لتوسيع نطاق تطبيق الحلول. كما شدد بان على أن الأمم المتحدة ستواصل تعزيز الجانب الأخلاقي الذي يدعو إلى العمل.

وأكد بان أن خلفه، أنطونيو غوتيريس، سيواصل العمل، كمدافع عن المعوزين، الذين يساهمون بشكل أقل في أزمة المناخ، وبالتالي لا ينبغي أن يعانون من آثاره؛ داعياً، في هذا السياق، الدول المتقدمة إلى الوفاء بالتزاماتها لتعبئة نحو 100 مليار دولار، في أفق 2020، من أجل مساعدة الدول النامية والتخفيف والتكيف مع آثار التغير المناخي.

فرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي، عند إلقاء كلمته في افتتاح قمة رؤساء الدول والحكومات، المشاركين في (كوب 22)

 

الوفاء بوعود 100 مليار

من جهته، أكد فرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي أن بلاده "ستفي بوعودها لفائدة الدول السائرة في طريق النمو"، معلنا تخصيص تمويلات للمناخ بقيمة 5 ملايير يورو من أصل الـ100 مليار دولار التي تعهدت بها الدول المتقدمة في إطار "اتفاق باريس""، مشيرا إلى إن الـ100 مليار دولار، التي وعدت بها الدول المتقدمة، في أفق 2020، "سيتم الوفاء بها"، داعيا، في هذا الإطار، إلى "بذل كل ما في وسعنا من أجل تعبئة هذا المبلغ".

وبخصوص القارة الأفريقية، أعلن هولاند أن فرنسا ستقدم ملياري يورو على مدى السنوات الخمس المقبلة، من أصل 10 ملايير يورو، تم التعهد بها خلال قمة (كوب 21) بباريس، برسم مبادرة أفريقيا للطاقة المتجددة، التي تم تحديد 240 مشروعاً في إطارها، متعهداً بأن تعمل فرنسا على تعبئة الاتحاد الأوربي لهذا الغرض.

دين إيكولوجي اتجاه الأفارقة

واعتبر الرئيس الفرنسي أن قمة مراكش "يتعين أن تكون قمة الحلول ووضع مستقبل أفريقيا على رأس الأولويات"، مبرزاً أن "العالم مطوق بدين إيكولوجي تجاه الأفارقة"، على اعتبار أنه من أصل 50 بلداً الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، 36 منها توجد في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.

وعلى صعيد بلاده، أعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعمل على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بـ40 بالمائة في أفق 2050، مع إغلاق المحطات الحرارية التي تعمل بالفحم في أفق سنة 2023. وأوضح، في هذا السياق، أنه تم تحصيل مبلغ 80 مليار أورو كالتزامات خضراء، مؤكداً أن فرنسا "ستقوم بأول إصدار سيادي مطلع السنة القادمة من أجل الاستثمارات في مجال التحول الطاقي".

صورة تذكارية لرؤساء الدول والوفود المشاركين، في (كوب 22)

 

"اتفاق باريس" .. لا رجعة فيه

لم يفوت الرئيس هولاند فرصة التنويه بدخول "اتفاق باريس" حيز التنفيذ في 4 نوفمبر الجاري، مؤكداً أنه "لا رجعة فيه"، وزاد، قائلا: "نحن ماضون قدما نحو نموذج إنمائي منخفض الكاربون"، مشيراً الى المبادرات والمشاريع الملموسة التي أنجزتها الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمقاولات والمواطنين عبر العالم، وهي الدينامية التي تجذب، حسب هولاند، عالم المال، أيضاً.

كما أشاد هولاند بالدور "الرئيسي" للرئيس الأميركي المنتهية ولايته، باراك أوباما، في التوصل إلى "اتفاق باريس"، داعيا الولايات المتحدة إلى احترام التزاماتها حول المناخ، التي تعهدت بها خلال قمة باريس، معتبراً أن ذلك "ليس من واجبها فقط، ولكن أيضاً من مصلحتها ومصلحة المقاولات الأميركية"، مؤكداً أن فرنسا ستجري حواراً، في هذا الشأن، مع رئيسها الجديد ( دونالد ترامب) بكل انفتاح، وبحزم كبير.

 وشدد الرئيس الفرنسي، في هذا السياق، على أنه "لا يجوز نقض وعد أمل"، وأن مؤتمر مراكش هو "للمضي قدما"، و"لكي نبقي على "اتفاق باريس"، حتى نبقي على الأمل، على الرغم مما نعانيه من اختلاف وعدم توافق"، مشدداً على أن "المهم هو أن ما سيتم اتخاذه سيعني جميع سكان الأرض".

 باتريسيا إسبينوزا، الأمينة التنفيذية للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية، عند إلقاء كلمتها في افتتاح قمة رؤساء الدول والحكومات، المشاركين في (كوب 22)

التفكير في وسائل تسريع العمل

من جهتها، لاحظت باتريسيا إسبينوزا، الأمينة التنفيذية للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية، أن "اليوم هو يوم الاحتفال"، وأن "علينا أن نفكر في وسائل تسريع العمل من أجل المناخ"، مشيرة إلى أنه "توجد، في صلب عملنا، الحاجة الملحة لجعل العمل من أجل المناخ حجر الزاوية للانتقال نحو التنمية المستدامة، في الوقت الذي نسعى فيه جاهدين لبناء عالم قوي وبانبعاثات غازية منخفضة".

وأشارت اسبينوزا، في هذا السياق، إلى أن هذا الأمر "لن يكون مهمة سهلة بالنظر إلى أن الجهد يحتاج لقرارات صعبة، وإلى قيادة حكيمة، أكثر من أي وقت مضى".

وخلصت المسؤولة الأممية إلى أن "أولئك الذين استجابوا للنداء التاريخي للسنة الماضية (اتفاق باريس) هم مدعوون، اليوم، مرة أخرى ليكونوا في مقدمة هذا التحول".

تعبئة شاملة

من جهته، قال صلاح الدين مزوار، رئيس المؤتمر، إن اجتماع مراكش "يعتبر حدثا تاريخيا بكل المقاييس، أضفى عليه الحضور المتميز للعدد الكبير من رؤساء الدول والحكومات والوزراء وكبار الشخصيات أهمية خاصة تعكس الحرص على التعبئة الشاملة لمواجهة آفة التغيرات المناخية". ورأى أن دخول "اتفاق باريس" حيز التنفيذ، في أقل من سنة، "يعكس الإرادة السياسية للمجتمع الدولي لمواجهة التحدي الكوني الذي تشكله التغيرات المناخية".

من جانبها، عبرت لورين باول جوبس، بصفتها رئيسة ومشاركة في تأسيس ائتلاف "إميرسون"، وأيضاً كامرأة أعمال تعمل من أجل تحسين وضعية الآخرين، إلى جانب كونها أما ومواطنة، عن عميق امتنانها حيال "الالتزام الراسخ من أجل إيجاد اتفاق مشترك في سياق السعي إلى إنقاذ البشرية من أخطار هذه التغيرات المناخية". وأطلقت باول جوبس، هذه المدافعة المستميتة عن الطبيعة، دعوة إلى مساعدة الشعوب الأصلية، بصفتهم المدافعون الأولون عن الطبيعة المهددة، جراء الوتيرة المتسارعة للتصنيع، وذلك عبر الاستفادة من النمو التكنولوجي.

الهدف هو إيجاد اتفاق مشترك في سياق السعي إلى إنقاذ البشرية من أخطار هذه التغيرات المناخية

الكلمة للشباب

من جهتها، قالت مريم موهوب، ممثلة عن الشباب المغربي: "على غرار ملياري شاب في مثل سني، أطمح إلى استكمال دراستي وخدمة بلدي والإنسانية وإنشاء أسرة ومواصلة التزامي المواطن والسفر من أجل اكتشاف غنى العالم". وزادت، قائلة: "هذا الحلم، الذي أتقاسمه مع مئات ملايين الأطفال في العالم من كافة المعتقدات والأديان، يمكنه أن يصبح كابوساً أو واقعاً، بالنسبة لي وجيلي والأجيال المقبلة".

اجتماع مراكش يعتبر حدثا تاريخيا بكل المقاييس

مملكة مستدامة

عرفت الجلسة الرسمية، في بدايتها وقبيل رفعها، عرض شريط مؤسساتي تحت عنوان "مملكة مستدامة"، أبرز الجهود المبذولة من طرف المغرب في مجال التنمية المستدامة، لاسيما في قطاعات السياحة والصيد البحري والفلاحة وتدبير الموارد المائية والطاقات المتجددة؛ وأداء مجموعة "الفناير" المغربية، مرفوقة بمجموعة من الأطفال، أغنية ألفتها احتفاء بهذا الموعد الكوني، تحت عنوان "الأمير النظيف".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار