«إيلاف» من الجزائر: عانى بوتفليقة منذ 2013 متاعب صحية ما زالت مستمرة إلى اليوم، والتي لم تمنعه من الترشح في إبريل 2014 لولاية رئاسية رابعة فاز فيها من الجولة الأولى، واقتصر نشاطه بعدها على عقد مجلس الوزراء واستقبال بعض ضيوف الجزائر.
رفع الرتم
غير أن الأشهر الأخيرة، شهدت عودة بوتفليقة إلى ممارسة بعض النشاطات التي دأب على القيام بها قبل مرضه في 2013.
وقام بوتفليقة بمناسبة إحياء الذكرى الـ62 لثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي في 1 نوفمبر 1954 بزيارة مقبرة العالية وسط عاصمة البلاد للترحم على شهداء الثورة، غير انه لم يحضر حفل استقبال تلقي التهاني بهذه المناسبة التي يحضرها كبار المسؤولين في الدولة وشخصيات تاريخية ووطنية ومجاهدون ومجاهدات وضباط سامون في الجيش الوطني، وناب في الاشراف عنه الوزير الأول عبد المالك سلال.
وقبل ذلك، قام بوتفليقة بزيارة تفقد إلى مشروع جامع الجزائر، ودشن سابقًا مقر أوبرا الجزائر وقصر المؤتمرات الجديد الذي احتضن اجتماع دول الاوبك بالجزائر نهاية سبتمبر الماضي.
كما عاد بوتفليقة إلى استقبال سفراء الدول عند تقديم أوراق اعتمادهم أو نهاية مهامهم، فقد التقى بحر الأسبوع الماضي سفراء باكستان والعراق وتشاد الجدد.
وبحسب جمال ولد عباس الأمين العام لحزب جبهة التحرير الحاكم، فإن رفع بوتفليقة من نشاطه دليل على أن "حالة الرئيس تتطور بشكل إيجابي"، وتوقع ولد عباس في تصريح لوسائل إعلام محلية أن يستعيد بوتفليقة " الوقوف" على رجليه في الأشهر القادمة، وهو الذي لم يكن قادرًا على ذلك منذ نوبة 2013 التي أدخلته العلاج في مستشفى فال دوغراس الفرنسي.
ملامح
غير أن مراقبين يرون في هذه الخرجات نية الرئيس بوتفليقة الترشح لعهدة رئاسية خامسة، وكان الحزب الحاكم عبر أمينه العام الجديد قد أعلن في وقت سابق ترشيح بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2019 إن رغب في الظفر بولاية خامسة.
وبالنسبة لمحمد حديبي البرلماني السابق عن حركة النهضة الجزائرية، فإن بوتفليقة لن يتورع في خوض سباق رئاسيات جديدة، ويحدد الدستور الجزائري بعد التعديل الذي أقره بوتفليقة بداية هذا العام الولاية الرئاسية بعهدتين فقط، غير أن رئيس الجمهورية يملك حق تعديل الدستور.
وقال حديبي لـ «إيلاف» إن « الرئيس بوتفليقة لا يبدو أنه يتخلى عن منصبه والدليل في ذلك لما قام بتعديل الدستور وفتح العهدات الرئاسية سنة 2008»، وأضاف: « من يظن أن العائق الصحي سيكون مشكلاً امام العهدة الخامسة لبوتفليقة فهو واهم و كل الترتيبات تقول ذلك».
ورأى حديبي في الخرجات الأخيرة للرئيس الذي استطاع أن يفوز على جميع منافسيه في كل الانتخابات التي خاضها "رسائل لدوائر السلطة بأنه مقبل على قرارات حاسمة"
جبهة داخلية
في رسالة له بمناسبة الذكرى الـ62 لثورة الجزائر التحريرية، دعا بوتفليقة إلى ضرورة بناء "جبهة داخلية قوية" لمواجهة مختلف التحديات التي تواجه الجزائر.
وقال بوتفليقة إن الشعب الجزائري "يحظى بالاحترام والإعجاب عبر العالم" لقدرته على المقاومة ومغالبة التحديات.
وأشار إلى تحدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي ترفعه الحكومة، وذكر بـ"الجهود المبذولة في هذا المجال خلال العقدين الأخيرين من خلال تعبئة مئات المليارات من الدولارات من عائدات النفط لبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والسكنات وتوصيل الطاقة والماء الشروب وتشييد المنشآت القاعدية".
وركز بوتفليقة عل "الاستقرار السياسي" للبلاد، وذكر أن الدستور الذي تمت مراجعته " تعزز بقواعد الديمقراطية التعددية ودعم مكانة المعارضة وحقوقها حتى داخل البرلمان، وأثرى المنظومة الانتخابية بضمانات جديدة للشفافية والحياد."
غير أن محمد حديبي بدا متشائمًا في حديثه مع «إيلاف» من الأفق الديمقراطي في البلاد، وقال إن "الحياة السياسية التي نص عليها الدستور مازال الشعب يدفع تضحيات من اجل تحقيقها بانتقال ديمقراطي يضمن حقوق مواطنته و كرامته".
غير أن أحزاب الموالاة تخالف ما يراه حديبي، وأعلنت وقوفها وراء دعوة بوتفليقة لتشكيل جبهة داخلية.
وقال ولد عباس إن دعوة بوتفليفة لبناء جبهة داخلية قوية من أجل مواجهة مختلف التحديات "كانت منتظرة بالنظر للظروف الإقليمية الصعبة التي تطلب منا اليقظة أكثر من ذي قبل، حفاظًا على أمن البلاد واستقرارها وصد المخاطر التي تحدق بها".
وأشار إلى أن الحزب الحاكم "سيقوم بواجبه لترجمة مضمون رسالة رئيس الجمهورية على أرض الواقع لضمان الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية في البلاد".
من جانبه، أعلن التجمع الوطني الديمقراطي ثاني حزب في البلاد" دعمه بكل قناعة" هذه الجبهة، كون الجزائر "بحاجة إلى جبهة وطنية موحدة لمواجهة مختلف التحديات والرهانات".