في كل مكان.. بل في كل مجال، تقول "السياسة" نريد نجماً واحداً متربعاً على عرش الميديا ومستقراً في قلوب الجماهير، والبقية مهما كانت قدراتهم يتوجب عليهم الاعتراف بنجوميته وأن يعيشوا من حوله بأدوار أقل بريقاً، فلا تصدقوا من يقول لكم "القمة تسع كل المبدعين"، فهذه مقولة يرددها من يحاولون الهروب من الواقع أو تجميله، والمفارقة أننا ابتعلنا هذه الطعم على مدار التاريخ، وأصبحنا نشارك "السياسة" في انجاح فكرة "النجم الأوحد".
على أي حال.. الأمور تسير بهذه الطريقة في كل مكان، عربياً وعالمياً، هذا يحدث في الفن وفي الرياضة وفي كل مجال تقريباً، وفي ريال مدريد على وجه التحديد، عاش كريستيانو رونالدو سنوات من التوهج والتألق وهو النجم الأوحد، واقتنع الجميع بذلك، وعلى رأسهم رونالدو الذي قام بكافة مسؤوليات ومهام "النجم الأوحد" فأبدع تهديفياً، وكان بمثابة القائد الحقيقي، وإلى جواره ارتضى كريم بنزيمة بذلك، وتألق هو الآخر ولكن في ظل رونالدو.
وفي برشلونة عاش ميسي سنوات نجماً مطلقاً لا يقترب من نجومية أي لاعب في صفوف الفريق، حتى هؤلاء الذين أبدعوا كروياً مثل تشافي وإنييستا وغيرهم، قرروا أن يبدعوا في صمت، وكأنهم يعترفون ويقرون بأن مبدأ النجم الأوحد لا ضرر منه، بل إن فوائده أكبر من ضرره، شريطة الاقتناع به والاعتراف بنجومية هذا "السوبر ستار".
وعلى العكس من ذلك لم يقدم ريال مدريد الكثير في حقبة الفريق الذي كان يضم النجم البرازيلي رونالدو "الظاهرة"، والكاريزما بيكهام، والأسطورة زيدان، وغيرهم من النجوم والأساطير، ومنذ هذا الوقت أيقن الجميع أن الكيانات المليئة بالنجوم لا تنجح عملياً بصورة مبهرة، قد تحقق بريقاً اعلامياً وتسويقياً لكنها لا تبهرك كروياً، في حين أن الفريق الذي يقوده "نجم أوحد" يعترف الجميع به نجماً بمفرده "سوبر ستار" يحقق نجاحاً أكبر.
والآن عاد الريال للمربع الأول، بل نحن جميعاً نعود إلى المربع الأول، ونخوض تجربة جديدة لاختبار واقعية فكرة "النجم الأوحد"، فهل يتناغم كيليان مبابي مع فينيسيوس جونيور، ويصبحا معاً "النجم الأوحد"؟ أم يتمكن أحدهما من ازاحة الآخر؟ أتوقع أن يفعلها كيليان مبابي ويتربع بمفرده على عرش النجومية المدريدية قريباً، ليس لأنه أفضل كروياً من فينيسيوس، بل لأنه يملك عقلية أفضل.