اذا اردت عزيزي المرشح ان تفوز في انتخابات مجالس المحافظات العراقية التي ستجرى لاحقا في عراقنا الديمقراطيّ جدا وتحتلّ مقعداً في الانتخابات المقبلة لعدة سنوات مليئة بالثراء والحظوة والحصانة وإيفادات السفر وتكون محاطا بشلّة من رجال الحماية المدججين بالسلاح وتحقق ارقاما فلكية في صناديق الاقتراع فما عليك سوى ان تتقيد بالنقاط التالية واتباع التعليمات التي أدرجتها ادناه، ومعذرةً فاني لست ناصحا واعظا فما أقوله هو تجارب سنوات مريرة لمواطن ذاق الويل من عمليتنا السياسية المرتبكة التي خرجت من رحم انتخابات انتجت ديمقراطيتنا الوسخة الرثّة الثوب والمليئة بالخروق والثقوب:
1- افتح شدقيك بكل ما أوتيت من قوة واعلك مفردات النعيم الكاذب المرتقب وشيء من النعرات العشائرية ولا تنس المظلومية والوعود الكاذبة واعزف على وترها عاليا وسيأتيك الملأ زرافات ووحدانا من الفجاج العميقة وغير العميقة يرقصون لك فرحا ويهللون لك مرحبين ويستبشرون بمقدمك.
2- استغلّ المناسبات الدينية وشيّد موكبا وأقم عزاءً وولائم وكن اول من يوزّع الطعام والشراب للسابلة والمدعوين وافترش الطرقات واغلق الشوارع والطرق اذا اقتضت الضرورة وامنع مرور السيارات والعجلات الاخرى وعطِّلْ مصالح الناس وأوقف ارزاقهم فأنت لك الاولوية في انجاز مهامك للارتقاء وليذهب الآخرون الى الدرك الاسفل.
3- زر المجمعات السكنية العشوائية والعشش الفقيرة قبيل الانتخابات ولا بأس ان تعبيء شاحنة او اثنتين ببعض الهدايا البخسة والهدايا الرخيصة وبعض الاموال الورقية على بني جلدتك الفقراء والمعوزين وتوزيعها بمعية رعيّتك وحمايتك المباركة مثلما كان الذين قبلك يوزعون البطانيات وكارتات الهاتف المحمول ويستحسن ان تكون واقفا في الصدارة امام الناس لتوزيع مكرماتك غير السخية ليتسنى لأكبر قدر من الناس مشاهدة طلعتك البهية امام شاشات التلفزيون ويرتسم وجهك الحنون العطوف جدا امام ذاكرتهم.
4- لا تنسَ ان تعبئ أذان سامعيك بالوعود غير ممكنة التحقيق والآمال العريضة كأنْ تصرف لهم حصة وفيرة من عائدات النفط وتسكنهم في بيوت الاحلام وتشيّد لهم الابراج العالية والصروح الضخمة للاستجمام والتنزه في حدائق غنّاء وملاعب واسعة لاطفالهم ومشافي مطببة تقدّم خدماتها الطبية وضمانات تقاعدية مجزية لأعالة اسرتهم وأهليهم عند حلول الشيخوخة او أصيبوا بمرض مزمن لا سامح الله فالحياة لا يأمن جانبها وليس لنا نحن المواطنين سوى الله والدولة ترعانا وترعى جيلنا المقبل وانتم رجالها ورعاة شعبنا.
5- اطرق ابواب الفضائيات الرثّة - وما أكثرها - التي ستهلل لمقدمك واياك ان تتوه عنها فهي كثيرة ويصعب حصرها وعدّها وفي اروقتها تنتشر الاكاذيب وعفن الكلام والمناطحات بالالسن وبؤس الحوارات ولا تغفل ان تكون ابتسامتك عريضة امام الكاميرات واسترشد بمقولة "اكذب.. اكذب.. اكذب حتى يصدقك الناس" فما زال حبل الكذب طويلا اذا تعلّقتَ به كالبهلوان بمعونة تلك القنوات التي تغدق عليك ما ليس بك من اوصاف وطبائع.
6- قم بزيارات واسعة الى شيوخ العشائر ووجهاء القبائل والأفخاذ واغدق عليهم بالاوراق الخضر والحمر وافرش سُفرتَك بما لذّ وطاب من طعام وشراب وعليك ان توزع لبن "اكتفيا" بين صحن وآخر خوفا من ان يصاب هؤلاء بالتخمة المفرطة كي يقوموا بإقناع رعاياهم من افراد العشيرة لضمان انتخابك وان لم ينفع الاقناع فلا سبيل سوى ارغامهم وتهديدهم وقطع المعونة عنهم . ولا بأس من توزيع كارتات الشحن واجهزة النقال الصينية الرخيصة او ما توفر من اجهزة تدفئة بخسة الثمن لتكسب ودّهم ولتقيهم من برد الشتاء الذي حلّ علينا ماطرا باردا مغرقا شوارعنا وبيوتنا بالماء والسيول في وقت مبكر مثلما عمل سابقوك قبلا.
7- قم باستغلال الرموز الدينية لحملتك الانتخابية واعمل على تسييس الطقوس الدينية النجيبة في اعماقنا ولا مانع ان تستخدم التهديد والوعيد لمن لا يريدك وترعبه بجهنم الحمراء قرارا مؤبدا له واستعمل لغة الترغيب والثواب الحسن والمثوى الخالد في جنات النعيم لمن اختارك نائبا له وليكن شيوخ الجوامع والحسينيات خير عون لك وساعدا ايمن لنصرتك وإعلاء شأنك بين الجماهير التي عملت على تضليلها والملأ الذين ارعبتهم بتهديدك ووعيدك لأنك في نظرهم ظلّ الله في ارضه ولسان حال الفقراء والمساكين والغارمين والجوعى والمسحوقين.
8- وبعد ان يتحقق فوزك الاكيد لا بد ان تنسى كل من أوصلك وحقق لك ما تصبو اليه وأكثر من غيابك اثناء جلسات مجلسكم غير الموقّر وابحث عن مصالحك الشخصية المركونة في الرفوف العليا ولتكن اجندات وملفات مصالح من انتخبوك تحت اقدامك لتعتلي حتى تصل الى ملفاتك الخاصة ولتكن أعتاق ناخبيك سُلّماً لنوازعك ورغباتك وشهواتك في حب الجاه والمال والحظوة العالية.
نأمل ان يأخذ بيدك الشيطان لخدمة رعيتك ومقرّبيك وارجو ان تسرع بملء جيبك وتعجل باشباع رغباتك، اما الشعب فلا تفكّر فيه فلهُ ربٌّ يحميه.
لا عليك إنْ أقدم الغاضبون من أهلنا على تمزيق لافتات الدعاية الانتخابية قبيل الانتخابات في الساحات الرئيسية والشوارع الهامة ؛ فهم يائسون منكم يأس ابليس في النعيم الكاذب الذي توهمونه للملأ فأنت فائز لا محالة رغم أنوف عامة الشعب المساكين، فهؤلاء لا يأملون خيرا فيكم طالما انتم صخرة لا ينفجر ماؤها ولكنها صخرة تشجّ رؤوسنا طالما بقيتم حجر عثرة في طريق النماء والتقدم لبلادنا المنكوبة بكم.