تشوهت الحركة الثقافية في الكويت بعد هيمنة تيارات اجتماعية متزمتة على المشهد العام واستسلام الدولة للتيارات الدينية المتشددة والمتنفذة بالقرار السياسي في ظل تأييد مباشر وغير مباشر لعدد من نواب الأمة لتلك التيارات وصمت نواب اخرين.
الذاكرة الكويتية، تنوء بالألم والحسرة على أفول الثقافة في الكويت بعد أن كانت منارتها الثقافية والفكرية، بمساهمات ثرية وضخمة لمواطنين كويتيين وعرب أيضاً، دون إدراك رسمي لهول الأثر السلبي لتلاشي الملامح المدنية للمجتمع والدولة أيضاً.
الكويت، للأسف الشديد، لا تعي دور المثقفين والثقافة المدنية في مواجهة الفكر الأصولي، الذي عصف في الكويت ودول أخرى على مدى عقود من الزمن حيث تعددت اليوم مصادر التيارات الدينية المتطرفة والإرهاب الفكري وحركات إرهابية كالقاعدة وداعش وطالبان والخافي أعظم!
يمكننا أن نتنازل مرغمين وليس مخيرين عن العودة الثقافية الريادية لدولة الكويت كما عرفناها تاريخياً، ولكن لا ينبغي التنازل عن الوجه المدني للدولة والمجتمع، فأفول الدولة المدنية هو القضاء على التاريخ ومستقبل أجيال اليوم والمستقبل.
نحن، بلا شك، بحاجة ملحة للغاية لترسيخ مفاهيم التفكير العقلاني والنقدي والتخطيط على هذا الأساس من أجل المحافظة على قواعد هوية الكويت المدنية ونشر التسامح والتعايش الفكري على نحو متناغم مع مواد دستور الدولة.
لذا، يتعاظم التفاؤل بدور فاعل ومؤثر لرابطة الأدباء الكويتيين بعد الإعلان عن مبادرة "دعم الثقافة بمفهومها الشامل ورعايتها ورفع سقف الحريات" في العام 2020 وبحضور عدد من جمعيات النفع العام، حتى في ظل صمت حكومي ازاء هذه المبادرة!
نتمنى ألا تخضع مبادرة 22 يناير 2020 لرابطة الأدباء الكويتيين، لأي تنازلات أو مساومات، وأي تهاون بالمطالب الثقافية من أي طرف حيث من الواجب عدم سكوت الرابطة قبل الكل في التنازل عن مبادرتها الثقافية الواعدة.
لا شك أن مداهمة جائحة كورونا للكويت خاصة، اثرت في التأخير والتأجيل لتنفيذ مبادرة الإنقاذ الثقافي علاوة على انشغال مجلس إدارة رابطة الأدباء الكويتيين في أكثر من نشاط وموسم ثقافي وهو لا يعني عدم جدوى المبادرة.
إن الأولوية ينبغي أن تذهب إلى تنفيذ خطة عمل للحركة الثقافية بمشاركة حتى لو عدد قليل من جمعيات النفع العام أو رابطة الأدباء وحدها باعتبارها المظلة الثقافية التي يمكن عقد الآمال عليها ودعم أعمالها وأهدافها المدنية.
وتتجدد الحاجة في الكويت لعميلة إنقاذ ثقافي جادة وجريئة للغاية من الإرهاب الفكري، فقد باتت البلد مأوى حنوناً لتيارات دينية متشددة نبذتها دول شقيقة، في حين احتضنتها الكويت دون إدراك خطورة تلك التطورات الكارثية على المجتمع والدولة ككل!
*إعلامي كويتي
مبادرة الإنقاذ الثقافي
مواضيع ذات صلة