للمطارات تأثير اقتصادي واجتماعي كبير، وغالباً ما يمتد إلى ما هو أبعد من محيطها المباشر. أثبتت الدراسات أن المطارات تدعم في المتوسط 4700 وظيفة مباشرة وغير مباشرة لكل مليون مسافر. ما بين 6 ملايين وظيفة مباشرة تم إنشاؤها بواسطة صناعة النقل الجوي في جميع أنحاء العالم في عام 2019، استحوذت المطارات على 60 % (3.5 ملايين وظيفة) من إجمالي تلك الوظائف. من الواضح أن المطارات تعد واحدة من الأدوات الأساسية للاستراتيجية الاقتصادية للدول. خلق شراكات قوية مع أصحاب المصلحة الآخرين في الصناعة ومع الجهات الحكومية ضرورية لتحقيق الإمكانات الكاملة لقطاع الطيران.
ففي المملكة تدعم استراتيجية «الطيران» المتسقة مع استراتيجية «النقل والخدمات اللوجستية»، استثمارات بقيمة 365 مليار ريال بهدف توسيع نطاق اتصال مطارات المملكة مع العالم من 99 إلى أكثر من 250 وجهة دولية عبر 29 مطاراً، ومضاعفة حركة الركاب السنوية بثلاثة أضعاف لتصل إلى 330 مليوناً، وزيادة سعة الشحن الجوي إلى 4.5 مليون طن.
اتخذت المملكة خطوات ملموسة الآن لتكون مركزاً مُهِماً في المنطقة، مما يخلق تجارب سفر سلسة للمسافرين من خلال تحويل القطاع بأكمله، فعلى سبيل المثال في هذا العام شهدنا قيام قطاع الطيران السعودي بالعديد من الخطوات التي تنبئ بمستقبل واعد للمطارات بإذن الله، مثل تخفيض رسوم المطارات لشركات الطيران الدولية بنسبة تصل إلى 35 % بهدف جذبها وتحفيزها لدخول سوق الطيران السعودي، ونقل 25 مطاراً إلى شركة مطارات القابضة كجزء من أجندة الخصخصة في المملكة، وحصول مطار الرياض على المركز الأول ومطار الدمام على المركز الثالث كأفضل مطارات العالم تحسناً، وإطلاق أكثر من عشر وجهات طيران جديدة تربط المملكة بالشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.
أكملت المملكة مشروع التحول المؤسسي لمطاراتها بتكامل مميز بين «الطيران المدني» و«مطارات القابضة»، من أجل تحسين تجربة المسافرين بهدف أن تصبح من بين أكثر المطارات تنافسية في العالم وذلك وفق توجهات رؤية السعودية 2030. التغيرات الإيجابية التي تعيشها مطارات المملكة بعد تحولها إلى شركة مطارات القابضة، تأتي من منطلق استشراف صناعة الطيران مستقبلاً، فمثلاً شهدنا مؤخراً إطلاق طيران «ويز اير» 20 وجهة جديدة من وإلى المملكة، والعمل المكثف على التكامل ونقل الخبرات بين مطار الرياض وجدة الذي أثمرت نتائجه نجاح قطاع الطيران في موسم حج هذا العام، ومما يدعو للتفاؤل من بين كل هذه الخطوات المتسارعة الأخبار المتداولة عن إطلاق طيران جديد يخدم قطاع الطيران بالمملكة ويساهم بتحقيق استراتيجيته الطموحة.
من المؤكد أن السنوات العشر المقبلة سيحظى المسافر بتجربة فريدة من نوعها على مستوى العالم. ستكون خوارزميات الذكاء الصناعي وشبكة الجيل الخامس هما الخلطة السرية للمطارات المستقبلية ومفتاحاً للكفاءة، وهذا بدوره سيقود إلى سهولة التبادل السريع للمعلومات مما يحقق استجابات استباقية وبالتالي عمليات أكثر تخطيطاً للمطارات ولكل الكيانات المسؤولة بداخله.
سيتم التقاط بيانات الركاب وحقائبهم تِلْقَائِياً أثناء مرورهم عبر نقاط تفتيش آلية من خلال أجهزة الاستشعار وترتيبها وتحليلها، مما يجعل عمليات التحقق من المستندات المادية لم يعد له وجود. على صعيد الإجراءات الأمنية ستكون أكثر سلاسة وانسيابية في رحلة خالية من الاحتكاك المباشر وهذا يعني أن الركاب يمكنهم السير على طول ممر أمني دون تدخل بشري فلا مزيد من خلع المعاطف والجزم والأحزمة أو وضع الزجاجات الصغيرة في الأكياس البلاستيكية ولا مزيد من قوائم الانتظار.
وموعودون بالوصول لكل طموحات قطاع الطيران المدني بحلول عام 2030، والفترة القادمة كفيلة بأن نشهد فيها ترجمة الطموحات إلى واقع ملموس بإذن الله.