: آخر تحديث

مغالطات «الإخوان».. والغزو العراقي!

62
67
67
مواضيع ذات صلة

غابت كثيراً الفطنة السياسية والإعلامية عن الحكومة منذ عقود، حتى فيما يتعلق بالتاريخ، وبصفة خاصة حقبة الغزو العراقي لدولة الكويت، فالفطنة ودينامكية التحرك من خصال حكومة تسعى إلى المحافظة على التاريخ والتصدي لأي محاولات للتشويه وليس العكس.

يبدو أن الفطنة السياسية لها مفهوم خاص لدى الحكومة الحالية وما سبقها من حكومات عليلة، أشبه بأضحوكة تحضير الأرواح وضرب الودع وقراءة الفنجان، وليس على أساس بنيان مؤسسي متكامل ومتناغم هدفاً وعملاً وتنفيذاً.

فقد أصبح التصدي للمغالطات التاريخية من مسؤولية المواطنين، وتحديداً ممن نذروا ذاكرتهم وأقلامهم لهذه المسؤولية الوطنية، بخلاف الموقف الحكومي المتفرج كثيراً، والخجول إعلامياً وسياسياً أكثر بكثير من الفرجة ذاتها!

عاد الاجترار والتكرار في أغسطس 2021 للمغالطات نفسها، التي وقع فيها أحد الكتاب قبل سنوات من جماعة الإخوان المسلمين أو المقرب منهم، في مقال بعنوان «كواليس مؤتمر جدة الشعبي.. أحداث لا تنسى».

ففي سبتمبر 2019، نشرت مقالين رداً على مغالطات الكاتب المرحوم د. عصام الفليج، التي نشرها في صحيفة «الأنباء»، حول «كواليس» جماعة الإخوان المسلمين في الكويت بشأن البيان المزعوم لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر.

فقد زعم الكاتب الفليج بأن «شملت الكلمة الختامية لمؤتمر جدة الشعبي تلاوة رسائل موجهة للمؤتمر، أولها رسالة موجهة من المرحوم مصطفى مشهور، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين آنذاك»، وهو ادعاء غير صحيح، وليس له أثر في وثائق مؤتمر جدة.

ودعوت د. الفليج نشر ما يثبت عكس ذلك، لحسم مدى صحة معلوماته، فمن المعروف أن «ولادة» الحركة الدستورية في الكويت كانت نتيجة موقف «صادم» لتنظيم الإخوان العالمي من الغزو العراقي للكويت، وتحديداً جماعة مصر.

ولم يبادر حتى اليوم أي طرف ذي علاقة بالموضوع أو حتى جمعية الإصلاح الاجتماعي، باعتبارها مظلة الإخوان المسلمين في الكويت، نشر وثيقة تبرهن على صحة بيان المرشد العام لتنظيم الإخوان مصطفى مشهور الموجه إلى مؤتمر جدة الشعبي.

صدرت وثائق مؤتمر جدة ضمن موسوعة مؤلفة من ستة مجلدات في أغسطس 2020 من قبل مركز البحوث والدراسات الكويتية، ولم تتضمن الموسوعة أي إشارة أو وثيقة عن بيان المرشد العام مصطفى مشهور المزعوم إعلامياً.

ينبغي على من لديه ما يبرهن على صحة هذا البيان المزعوم نشر تفاصيله الدقيقة وصورة عنه، إذا كان فعلاً هناك بيان لمصطفى مشهور وجهه إلى مؤتمر جدة، يؤكد رفض تنظيم الإخوان في مصر للغزو العراقي وتأييدهم للشرعية الكويتية.

فقد تواصلت شخصياً مع عدد من السادة الأفاضل، الذين أشرفوا على تنظيم مؤتمر جدة، وهم على قيد الحياة، ولم أجد بينهم طرفاً واحداً يؤكد ما ذهبت إليه جماعة «الإخوان» في الكويت عن بيان المرشد العام مصطفى مشهور إلى المؤتمر.

لست بصدد الاشتباك مع جماعة الإخوان المسلمين في الكويت أو الإثارة، كما يفعل الآخرون من هواة السجال والثرثرة، وإنما يهمني بالدرجة الأولى توثيق تلك الحقبة الزمنية العصيبة من دون مزايدات وتشويه.

تعزّزت قناعتي بجهل حكومات للقيمة السياسية والتاريخية لمؤتمر جدة، في ضوء عدم التصدي لمثل هذه المغالطات عن المؤتمر، الذي جرى تنظيمه برعاية رسمية، ممثلة بالأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح، وبإشراف مباشر لولي العهد الراحل الشيخ سعد العبدالله.

أشكر سلفاً من سينقذ تاريخ الغزو العراقي لدولة الكويت ومؤتمر جدة من الأوهام والمغالطات في ظل سبات عميق للحكومة، فالسلطة الحكومية لها تحفظ سياسي كما يبدو من هذه الحقبة التاريخية، لذا تبحث دوماً عن الهروب!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد