تحت شعار "النخيل، دعامة الواحات للتأقلم مع التغيّرات المناخية"، تحتضن مدينة أرفود، انطلاقًا من يوم الخميس المقبل، الدورة السابعة من المعرض الدولي للتمر في المغرب.
إيلاف من الرباط: تتوزع محاور المعرض، الذي سيتواصل على مدى أربعة أيام، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، على ثمانية أقطاب موضوعاتية، تشمل قطب الجهات (درعة تافيلالت - الجهة الشرقية الريف - سوس ماسة - كلميم واد نون) والقطب المؤسساتي، والقطب الدولي، وقطب الآلات الفلاحية، وقطب الإمدادات الزراعية والخدمات، وقطب رحبة التمر، وقطب المنتوجات المحلية، والفضاء الثقافي.
فيما يتضمن برنامج الدورة منتدى حول الاستثمار، وورشات إخبارية وتشاورية مع المهنيين، وورشة حول البرنامج الوطني للتكيّف مع التغيّرات المناخية في مجال الواحات، ويومًا علميًا تحت عنوان "من أجل نظام إيكولوجي واحاتي مقاوم لتحديات التغيّرات المناخية"، فضلًا عن معرض للأطفال وجولات سياحية وثقافية وسهرات فنية.
يعتبر المعرض دعامة مهمة للاقتصاد الجهوي |
وينتظر أن يغطي المعرض، الذي تنظمه "جمعية المعرض الدولي للتمر في المغرب"، مساحة إجمالية تناهز 40 ألف متر مربع، جهّزت 10 آلاف منها بالأروقة، فيما سيناهز عدد العارضين 220، مع مشاركة مرتقبة لـ15 بلدًا، هي، إلى جانب المغرب، تونس والجزائر وموريتانيا ومصر والعراق والأردن والسعودية والإمارات العربية وسلطنة عمان والبحرين والكويت وقطر، فيما ستكون "واحات تنغير" ضيف شرف الدورة، وذلك تماشيًا مع توجّه للمعرض، خلال كل دورة، بتكريم منطقة مغربية تتصف بإشعاعها وغناها الثقافي.
تنمية وإنعاش الفلاحة التضامنية
وقال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في تقديمه لدورة هذه السنة، التي يتوقع المنظمون أن تستقطب 75 ألف زائر، إن "سلسلة التمر كانت، ولا تزال، في صلب اهتمامات "مخطط المغرب الأخضر"، حيث تعتبر من بين المجالات الأساسية لدعامته الثانية، لذلك تمت مأسسة مجموعة من الإجراءات، خلال السنوات الأخيرة، انطلاقًا من مراجعة التوجيهات الاستراتيجية للسلسلة، وصولًا إلى وضع تدابير جديدة تهمّ تشجيع الاستثمار"، الشيء الذي "يبشّر بإقلاع جذري لهذا القطاع خلال السنوات المقبلة، بشكل يعطي دفعة قوية للتنمية المستدامة لمناطق الواحات".
وأشار أخنوش إلى أن "المغرب يتوافر على أكثر من 5 ملايين شجرة نخيل تمر، موزعة على ما يقارب 50 ألف هكتار، مما يمكنه من احتلال المرتبة الثالثة على صعيد الدول المغاربية، والسابعة على المستوى الدولي".
وأبرز أخنوش أن مختلف دورات المعرض الدولي للتمر تندرج ضمن "دينامية ترمي إلى تنمية وإنعاش الفلاحة التضامنية"، الشيء الذي مكن التظاهرة من فرض نفسها كــ"موعد دولي يلتقي خلاله مهنيو سلسلة التمر في المغرب بنظرائهم الأجانب للحفاظ على هذا الإقلاع المسجل على مستوى القطاع، بغية الارتقاء بالتنمية الاجتماعية - الاقتصادية لمناطق الواحات"؛ الشيء الذي منح المنطقة، التي صاغت، منذ القدم، أنظمة للقيم حول الواحات عمومًا، والنخيل على وجه الخصوص، فرصة لـ"إبراز مؤهلاتها وتثمين تراثها اللامادي الحامل لقيمة مضافة مهمة".
النظم الإيكولوجية في الواحات ومخاطر ندرة المياه
على علاقة بشعار دورة هذه السنة، قال أخنوش إن "مخطط المغرب الأخضر"، سيلعب دورًا أساسيًا في تحقيق التزام المغرب، في ظل المساهمة المقررة على الصعيد الوطني للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، وفقًا للاتفاق الدولي الجديد حول المناخ، المبرم في مؤتمر باريس، حيث سيساهم القطاع الزراعي بـ26 في المائة من الهدف المسطر.
كما يتوخى المخطط الحد من هشاشة النظم الزراعية نحو آثار التغيّرات المناخية من خلال تحديث هذا القطاع، مما يجعله أكثر قدرة على المنافسة والاندماج في السوق العالمية، وعبر تعزيز التدبير المستدام للموارد الطبيعية".
يعطي المعرض نفسًا جديدًا للفلاحة داخل الواحات |
لاحظ أخنوش أن "النظم الإيكولوجية الزراعية في الواحات، على الخصوص، وهي الأكثر تعرّضًا لآثار تغير المناخ، تواجه عددًا من التحديات، كزيادة مخاطر ندرة المياه وسوء الأحوال الجوية وتدهور التربة والتنوع البيولوجي".
وأخذًا في الاعتبار ضرورة حماية وتعزيز النظم الإيكولوجية الزراعية في الواحات، يختم أخنوش بالقول: "يهدف شعار دورة هذه السنة من معرض التمر، الذي يلتئم أيامًا قليلة قبل مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين حول التغيّرات المناخية في مراكش، يهدف إلى "الارتقاء بمكانة النخيل، لما له من أهمية زراعية واقتصادية بالغة، ولأنه مورد رئيس لحماية التنوع البيولوجي ووسيلة فعالة لمكافحة التصحر، بهذه المناطق الهشة، في ظل التغيّرات المناخية التي تعرفها".
فرصة للتفكير في آثار التغيّرات المناخية
من جهته، رأى بشير سعود، رئيس "جمعية المعرض الدولي للتمر"، في التظاهرة "فرصة للتفكير في آثار التغيّرات المناخية على هذه الأوساط البشرية والطبيعية، وفي طرق تكيف ومستوى هشاشة هذه المجالات التي توجد في الخط الأمامي لمكافحة التصحر".
وشدد على أنه "على الرغم من قساوة الظروف الطبيعية في هذه المناطق، فقد تمكن سكانها من تطوير تقنيات لتعبئة وتدبير الموارد الطبيعية، خاصة المياه، مما سمح لهم بممارسة النشاط الزراعي والحفاظ عليه، حيث سيطرت منتجات الواحات، خاصة التمر، لفترة طويلة على الطرق الرئيسة للتجارة الصحراوية. وظلت الفلاحة بشكل عام، والزراعة داخل الواحات بشكل خاص، تبدي قدرتها على التكيّف باستمرار مع الظروف البيئية".
ورأى سعود في استمرار وجود الواحات دليلًا على تكيّفها مع تغيّرات المناخ، لا سيما من خلال اعتماد نظم اجتماعية واقتصادية تأخذ في الاعتبار ندرة الموارد الطبيعية، مثل المياه. لذلك شدد على أن "الحفاظ على نظم الإنتاج التاريخية والموارد الوراثية في الواحات تبقى واحدة من الحلول للتكيّف مع تغيّر المناخ وضمان الحفاظ على الحياة في هذه المناطق، التي اعتبرت من الأماكن الأكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ".
كما لاحظ أن "هذا التراث الحيوي الهشّ أصبح عرضة للتغيّرات المناخية، التي تنذر بارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضية، وتهدد التوازنات الطبيعية، الشيء الذي يعزز المخاوف حول استدامة هذه الأنظمة الزراعية وبقاء الواحات".
وبعدما نبّه إلى أن الواحات، التي تعاني من الجفاف والأمراض، خاصة مرض "البيوض"، ستتأثر بشكل مضاعف من هذه التغيّرات المناخية، شدد سعود على أنه يبقى من الضروري "وضع مشاريع جديدة تجعل من زراعة أشجار النخيل الدعامة الأساسية لاسترجاع الأراضي المفقودة بفعل التصحر، واستعمال نظم اجتماعية واقتصادية مناسبة للتكيّف مع هذه التغيّرات بالاعتماد على التنظيمات المحلية للمجتمع المدني".
و"اعتبارًا للمخاطر الحقيقية للتغيّرات المناخية المتوقعة، في السنوات المقبلة، يضيف سعود، فقد حان الوقت لكي تسترجع أشجار النخيل مكانتها الرئيسة في الأنظمة الزراعية للواحات، حيث تمنح الغذاء للسكان، وتوفر الحماية للمزروعات الموجودة تحتها، كما تحد من زحف رمال الصحراء".
وعلى علاقة بأهداف المعرض، قال سعود إن المعرض، الذي "يعطي نفسًا جديدًا للفلاحة داخل الواحات ولسلسلة التمر، وبالتالي للاقتصاد الجهوي"، قد "أضحى مجالًا مميزًا لإبراز الزراعة داخل الواحات وتحدياتها وكذا القطاعات المرتبطة بهذا المجال الإيكولوجي"، كما "أصبح وجهة أساسية لإنعاش سلسلة التمر وتقوية مهنية الفاعلين، ودعم التطور نحو نمو اقتصادي واجتماعي واعد في هذه المناطق".
تحديات متعددة واستراتيجية للتطوير
يواجه قطاع التمور في المغرب تحديات متعددة، تشمل الإنتاج والتسويق، على حد سواء. وتشير إحصائيات رسمية، صادرة من وزارة الفلاحة والصيد البحري، إلى أن المساحة الحالية لأراضي النخيل تناهز 48 ألف هكتار، تضم حوالى 4.8 ملايين نخلة، حوالى 41 في المائة منها منتجة؛ فيما تقع مناطق الإنتاج، أساسًا، على طول هضبتي زيز ودرعة، في المناطق الجنوبية الشرقية للمغرب، حيث تنتشر الواحات، التي تضم أكثر من 400 صنف من التمور، فيما تساهم السِّلسلة في الرّفع مِنَ الدّخل الفلاحي في حدود 60 في المائة لفائدة مليون شخص.
ويتميز الغطاء النباتي لأشجار النخيل بوجود أصناف متعددة، منها "المجهول"، و"بوفقوس"، و"بوزكري"، و"الجيهل"، لكن بهيمنة "الخلط"، وهو صنف غير محدد.
ويقدر متوسط واردات التمور بحوالى 30 ألف طن في السنة، تستقدم، أساسًا، من العراق (40 في المائة)، وتونس (35 في المائة) والإمارات العربية المتحدة (7.5 في المائة)، ومصر (5 في المائة).
تراهن الوزارة الوصية، ضمن استراتيجية تطوير القطاع، على توسيع المساحة عبر زرع 2.9 مليون نخلة في أفق 2020، تكون مقاومة لمرض "البيوض"، وزيادة إنتاج التمور من أجل بلوغ 185.000 طن في أفق 2030، وتثمينها عبر تحسين جودتها وشروط تسويقها.
ويواجه إنتاج التمور في المغرب تحديات متعددة، ناتجة من اختلال توازنها البيولوجي تحت وقع الأمراض، خاصة مرض "البيوض"، وتوالي سنوات الجفاف والتصحر وتأثير التغيّرات المناخية، فيما يواجه تسويقها تحديات أكبر ترتبط، أساسًا، بسوء التسويق ورداءة نوعية كثير من المنتجات، في أكثر الأحيان.