: آخر تحديث
يستعيد فيه الكاتب الموريتاني الرحلة البحرية للعلامة الشنقيطي محمـد فال بن باب

عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد "رحلة الحج على خطى الجد"

1
2
2

إيلاف من أصيلة: وقّع الكاتب الصحافي الموريتاني عبد الله ولد محمدي، أخيرا، في أصيلة، كتابه الجديد "رحلة الحج على خطى الجد"، وذلك ضمن فعاليات موسمها الثقافي الدولي الـ 46، في دورته الخريفية.
وتميز الحفل، الذي احتضنه رواق محمد بن عيسى للفنون الجميلة في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، بحضور نوعي ضم على الخصوص عدداً من المثقفين والإعلاميين والفنانين.

كتاب مشوق

قال حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، إن الكتاب "جهد مضني في تلافيف الذاكرة، وفي بعض المخطوطات التي تتوفر عليها عائلة ولد محمدي، خاصة في النباغية، مربط خيله والمركز الثقافي والروحي الكبير، ليس في موريتانيا الشقيقة، فقط، بل أيضا في بلاد المغارب وإفريقيا".


حاتم البطيوي الامين العام لمؤسسة منتدى أصيلة ويبدو الىًجانبه الكاتب احمد المديني وعبد الله ولد محمدي

وأضاف البطيوي أن الكتاب "مشوق، ويحكي تجربة الجد في رحلته إلى الحج، بعض منه كتبه بنفسه والبعض الآخر بحث عنه ليصنع منه مزيجا من الرواية والتحقيق الصحفي الممتع".

وشدد البطيوي على أن ولد محمدي "يقدم لنا دائما المفاجآت". وأضاف: "إنه رجل المفاجآت والأشياء الجميلة الجديدة".

التاريخ والذات والزمن

استهل الأديب المغربي أحمد المديني كلمته بالحديث عن العلاقات المغربية - الموريتانية، مشيرا إلى أنها ممتدة في الزمن. وأضاف: "نحن شعب واحد، بحيث لا نستطيع أن نفصل المغرب عن موريتانيا أو موريتانيا عن المغرب. فنحن جِبِلة واحدة ودم واحد، وثقافة متماثلة".

وقال المديني إن ولد محمدي "عرف كيف يصوغ هذه اللحمة ويقوي الصلات الإنسانية والأدبية والإعلامية"، مشيرا إلى أنه "أصبح جزء منا ومن كياننا، وهو خير سفير لموريتانيا على مستوى العلاقات بين البلدين الشقيقين في الوقت الحاضر".


احمد المديني يلقي كلمته بالمناسبة

وتحدث المديني عن تجربة ومسار ولد محمدي، فقال إنه "إعلامي شهير"، وشدد على أن هذا التوصيف ليس تمجيدا له، من منطلق أنه برهن على ذلك بنفسه على مدى سنين، كما أنه خبير ترجع إليه المنظمات الدولية لتعرف رأيه في ما تمر منه إفريقيا والمنطقة العربية.

كما تحدث المديني عن الامتداد العربي العميق لولد محمدي. وأضاف: "هو خير خلف لمحمد باهي رحمه الله". واستدرك، في سياق تناوله لشخصية ولد محمدي وجذوره: "يتعلق الأمر بأرض لطالما أنجبت النوابغ".

وتطرق المديني إلى ما وصفه بالجانب المضيء في ولد محمدي، القاص والروائي وصاحب الحكايات. وأشار، في هذا السياق، إلى أن "موريتانيا قدمت لنا رعيلا من الكتاب مختلفين، بنكهة محلية، وبروايات تربط بين الماضي والحاضر، بإشراق صوفي، ولغة عربية مسكوكة لا نظير لها، ونسيج وحدها".

وتوقف المديني عند الإصدار الجديد لولد محمدي، فقال إن الأمر يتعلق برحلة الجد، التي تبناها واستعادها، فأصبحت كأنها رحلته، انطلاقا من مخطوط، أعاد نسجها وتركيبها، ليمزج بين نوعين من الأدب والكتابة: الرحلة والسيرة الذاتية. وأضاف أن ولد محمدي جمع هذه العناصر والرؤى والأساليب في كتاب واحد، جاء متميزا ببلاغته، غنيا بإشراقاته ومعلوماته التاريخية.

ورأى المديني أن كتاب ولد محمدي يتحرك في محيط واسع، للتذكير به، بشكل يجعل القارئ أشبه بمن يسبح في بحر التاريخ والذات والزمن.


جانب من الجمهور الحاضر في حفل توقيع الكتاب عبد الصمد بن شريف والسفير حسن ابو ايوب والدبلوماسي الليبي المدني الأزهري 

ارتباط بالجدور

قال عبد الإله التهاني، الكاتب، والإعلامي والمدير السابق للاتصال والعلاقات العامة بوزارة الاتصال المغربية، إن ولد محمدي يمثل حالة خاصة، فيها مزيج من الأدب والصحافة والـتأملات والخواطر والسرديات والفكر السياسي في بعده الفكري، فضلا عن المعطى التاريخي.


عبّد الاله التهاني يتحدث في حفل توقيع الكتاب 

ورأى التهاني أن كتاب ولد محمدي تركيبة إبداعية خلاقة بين أسلوب الرحلة والسيرة الذاتية والنفس الروائي والكتابة الصحفية التقريرية الوثائقية. وأضاف أن النص يحكي عن الارتباط الوثيق بين ولد محمدي وجدوره وأصوله في موريتانيا.

تجربة فريدة

قال ولد محمدي في كلمة بالمناسبة، إن الكتاب يتناول تجربة شخصية ممزوجة بتجارب متعددة. وشدد على أن الأمر يتعلق بتجربة فريدة، أحاطت بجوانب مختلفة ومتعددة من أجواء القرن التاسع عشر، ومشاكله وصعوباته الجمة.  

وقائع ومشاهدات

يستعيد ولد محمدي في كتابه الجديد، بعد نحو 130 سنة، الوقائع والمشاهدات التي أحاطت برحلة بحرية قام بها العلامة الشنقيطي محمد فال بن باب العلوي، سنة 1889، إلى مصر والحجاز.

لم تكن الرحلة سهلة، بل جاءت مليئة بالتحديات، شملت مشاق السفر الطويل، برا وبحرا، صوب الحجاز، انطلاقا من موريتانيا، عبر ميناء سان لوي في السنغال، مرورا بفرنسا ومصر، ثم المغرب في طريق العودة إلى بلاده.

تجربة ملهمة

مزج ولد محمدي في كتابه، الذي جاء في 239 صفحة من القطع الوسط، بين الوصف الروحي، الثقافي، والتاريخي، لتجربة ملهمة، مليئة بالتحديات والإيمان، من خلال سرد أدبي ممتع، مع تحليل عميق يبرز أبعاد الجمع بين معاناة السفر وفرحة زيارة الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج التي كانت المخاطر المحدقة بطريقها جمة، حتى قيل إن الذاهب مفقود والعائد مولود.


ويوقع كتابه لصاموئيل شمعون

عالِم من شنقيط

لم يكن محمد فال بن باب العلوي عالمًا شنقيطيا شرعيًا وأديبًا بارزًا، فقط، بل كان إنسانًا شغوفًا بالبحث عن الحقيقة والاقتراب من الله. وُلد في شنقيط (موريتانيا الحالية)، أرض العلم والتقاليد الإسلامية، وشكلت شخصيته بيئة عائلية وثقافية تقدّر العلم والمعرفة. لذلك، لم تكن رحلة الحج بالنسبة له مجرد أداء لشعائر دينية، بل تجربة تجمع بين التعلم، الروحانية، والانفتاح على العالم الإسلامي، واجه خلالها مشاق السفر الطويل، ليكتسب رؤية أعمق عن حياته ودينه.

سرد أدبي وتوثيق تاريخي

جمع ولد محمدي في كتابه بين السرد الأدبي والتوثيق التاريخي، في رحلة إبداع تربط الماضي بالحاضر، مع مهارة وسلاسة في المزج بين المعلومات والمعطيات التاريخية، بشكل عكس اهتمامه بتاريخ البلاد العربية، فضلا عن بلاده وثقافتها، مع تركيزه على عمق العلاقات الثقافية والروحية بين الموريتانيين وباقي العالم الإسلامي.

ولد محمدي

ولد محمدي هو واحد من أهم كتاب صحافة التحقيق، عرف بخبرته الواسعة في هذا المجال، مع تشبع بثقافة بلده الأصيلة في بعديها الروحي والأدبي، الشيء الذي منحه، بحسب المتتبعين لمسيرته الإبداعية، قدرة على المزج بين السرد العفوي، وصنعة الروائي الذي يمنح الحياة لكائناته التخييلية عبر استدعاء التاريخ، وكشف الدوافع الكامنة، وتخصيب لغة السرد، المسترسلة دون تكلف، بقدر هائل من المحكيات النادرة.


عبد الله ولد محمدي يلقي كلمته

وسبق لولد محمدي أن أصدر مؤلفات متنوعة المواضيع، تتراوح بين الكتابة الإبداعية والتوثيق لتجربة غنية على مستوى مهنة المتاعب، بينها "تومبكتو وأخواتها.. أطلال مدن الملح ومخطوطات" (2015)، ورواية "طيور النبع" (2017)، و"يوميات صحفي بإفريقيا.. وجوه وانقلابات وحروب" (2017)، و"المغرب وأفريقيا: رؤية ملك" (2019) و"شهود زمن.. صداقات في دروب الصحافة" (2022). كما كانت له مشاركات في كتب جماعية، على غرار "الرسائل المغربية" (2016)، و"الرسائل الخليجية" (2021)، فضلا عن مساهمات في حقل الترجمة على علاقة بتجربته الإعلامية التي حاور خلالها عددا من قادة الدول، ومن ذلك ترجمته لمذكرات الرئيس السنغالي السابق ماكي صال، تحت عنوان "السنغال في القلب"، من الفرنسية إلى العربية (2021).


جانب من الجمهور الحاضر 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات