: آخر تحديث

ترامب ووزارة الحرب!

11
10
10

قد يكون قرار تغيير مسمى وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب في الولايات المتحدة الصادر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً غريباً بعض الشيء لأسباب قد تكون واضحة للعالم، ودون الرجوع لما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن هذا الأمر، وفي الوقت نفسه هو قرار يترك الكثير من القلق والتوتر في العالم، فدولة بحجم أميركا تقرر في لحظة تغيير الاسم الأكثر انتشاراً في العالم إلى اسم للوهلة الأولى لا يبدو أنه اسم يدعم مشروع السلام الذي كان وما زال ينادي به الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

هذا الاسم يترك مؤشراً خطيراً في ظل الأحداث المتعاقبة والكثيرة التي تحدث في هذا العالم، والتي ترتبط على نحو مباشر بالأزمات السياسية المتصاعدة. لا يمكن أن يكون تبرير الرئيس الأميركي لتغيير هذا الاسم دون أسباب جوهرية غير ما قاله، وأن هذا الاسم الأكثر ملاءمة لما يحدث في العالم. ويبدو أن التقارب الصيني الروسي والكوري أيضاً ترك في نفس الرئيس الأميركي شيئاً استوجب توجيه رسالة مبطنة بطريقة ما إلى العالم بشكل عام، وإلى هذه الدول على نحو خاص، لعل العالم يدرك حجم القوة الأميركية، وأن تكون هذه القوة دائماً في الحسبان.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ دخوله البيت الأبيض في ولايته الثانية وهو لا يتحدث إلا عن السلام، وكيف لمشروع عظيم كهذا أن يعم العالم، وتصبح كل النزاعات والقضايا السياسية في عالم النسيان. هذا الملف لم ينجح حتى الآن كما كان يعتقد ترامب، ولا يبدو له نجاح في الوقت القريب، فالأزمات السياسية في تصاعد، والحروب في بعض الدول ما زالت قائمة، والتفاصيل ليست مشجعة للتنبؤ بمستقبل جيد في الفترة القادمة. بل الأسوأ من ذلك أن هناك من يخشى أن يدخل العالم في أزمات عظمى كحرب عالمية ثالثة، فبعض الأحداث فيها استفزاز من قبل أطراف كثيرة، وهذه الأطراف تعتبر هي الدول الأكثر قوة على مستوى التسلح والتقنية.

لذلك لا يبدو أن الأميركيين يفعلون شيئاً دون مسببات، ولا يوجد أي تحرك سياسي دون أهداف، ولا أظن أنهم يسعون لفعل شيء يزعزع العالم ويثير الشكوك. وقد يكون السلام فعلاً غايتهم، لكن بعض التصرفات من حولهم في هذا العالم لا تساعدهم على المضي في هذا المشروع بشكل حقيقي ومفيد. الولايات المتحدة تريد السلام، وفي الوقت نفسه هذا السلام يجب ألا يكون على حساب قوتها أو التقليل منها.

مسائل السياسة في هذا العالم معقدة، ولن يكون بمقدور أميركا حلها وحدها، دون أن يكون هناك تعاون حقيقي من أجل إحلال السلام. ولن تغامر أميركا في الوقت نفسه بقوتها والدخول في معترك الاستفزازات التي قد تولد في أي لحظة شرارة حرب تستوجب الرد. الهيمنة الأميركية ليست فقط بسبب قوة أميركا العسكرية، بل لأن العقول الدبلوماسية ما زالت قادرة على إدارة المشهد مهما صاحبه من أحداث وتوسع، بالرغم من أن الرئيس الأميركي ترامب يحرجهم في كثير من تصاريحه الإعلامية.

ولعل آخرها حالة الغضب التي صاحبت الهجوم الروسي على كييف مؤخراً وحجم الخسائر والأضرار، بالرغم من وجود جهود مشتركة بين البلدين لحل الأزمة بإشراف أميركي. وكذلك قد يؤكد هذا الأمر حالة التوتر القائمة الآن بين الولايات المتحدة وفنزويلا. وبالرغم من ذلك ما زالت خيوط المشهد السياسي على كافة الأصعدة في يد أميركا، وما زالت تلك الهيبة مزدهرة، ولن تستطيع أي دولة الدخول في أي تجربة من نوع مختلف ضمن إطار الند للند مع أميركا، وما زال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يراهن على السلام واستقرار العالم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.