: آخر تحديث

هل تصبح الصين الشرطي الجديد للعالم؟

75
61
73

بعد الحرب الكونية الثانية، وبسبب تورطها في العديد من الحروب في مناطق مختلفة من  العالم،  لُقّبت الولايات المتحدة الأميركية بـ"شرطي العالم". غير أن بعض المحللين، يعتقدون أن الصين الشيوعية قد تكتسب هذا اللقب، أي "شرطي العالم" في مستقبل قريب. فبعد مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، قامت بيكين بإصدار مشروع للسلام بدا وكأنه يضعها فوق "جلبة الخلافات والصراعات والنزاعات" التي يشهدها العالم راهنا.

وقد ردّت الولايات  المتحدة الأميركية، وبقية دول الحلف الأطلسي سلبيا على هذا المشروع. وحده الرئيس الفرنسي ماكرون غرّد خارج السرب قائلا: "أن تقوم الصين ببذل جهود من أجل السلام، يُشكل في حد ذاته أمرا إيجابيا". وإذا ما اعتبر بعض الملاحظين أن مشروع السلام الصيني يسبح في العموميات، فإن بيكين ترى غير ذلك مؤكدة بالخصوص على ضرورة احترام استقلال كل البلدان بقطع النظر عن وزنها السياسي والاقتصادي والحضاري، مستنكرة بشدة كل الأعمال العدوانية التي تستهدف هذه البلد أو ذاك. كما تدعو بيكين إلى تجاوز ما أسمته بـ"عقلية الحرب الباردة".

وهذه النقطة الأخيرة تتضمن إشارة واضحة إلى كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية. إلاّ أن مشروع السلام هذا، لا ينطبق على تايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها. كما أن بيكين تعتبر أن قسما من أوكرانيا جزءا من الأراضي الروسية.

ومعلوم أن الصين لم تقمْ إلى حدّ هذه الساعة بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. كما أنها قدمت لموسكو أسلحة متطورة. وهذا ما يثير العديد من الشكوك بشأن مشروعية وصدقية ونزاهة مشروع السلام الصيني.

ويبدو أن الرئيس  شي جيبينغ  يقوم بالتطبيق الحرفي لنظريات سون تزو (القرن السادس قبل الميلاد) صاحب الكتاب الشهير: "فن الحرب"، والذي يقول: "المتخصصون في فن الحرب يُخضعون الجيش العدو من دون قتال. وهم يستولون على المدن من دون معارك، ويُطيحون بالدول من دون عمليات حربية متلاحقة".

لذلك يمكن القول أن الصينيين أشد مكرا من الروس الذين ورطوا أنفسهم في حرب طويلة مع أوكرانيا من دون أن يحققوا مبتغاهم إلى حد هذه الساعة. كما أنهم يبدون أشد دهاء من الغربيين الذين تسارعوا لمساعدة أوكرانيا. وبنقدها لكل من موسكو وواشنطن، ترغب الصين في أن تظهر للعالم أنها أكثر حكمة وصوابا من القوتين العظميين اللتين هيمنتا على السياسية العالمية منذ نهاية الحرب الكونية الثانية.

وتعكس السياسة التي تتبعها بيكين راهنا، العديد من مقولات سون تزو الذي كتب يقول: "إن أسوا السياسات تلك التي تحرض على مهاجمة المدن إذ لا يمكن القبول بذلك إلاّ إذا ما انعدمت كل الحلول الأخرى".

وتقول مجلة "الفلسفة" الفرنسية" إن الرئيس الصيني شي جيبينغ  يسلك راهنا سياسة منسجمة تماما مع تعاليم سون تزو إذ أن مشروع السلام الذي أعده هو بمثابة "هجوم على استراتيجية العدو"، ومحاولة لمنع القوى المنافسة من التوحد. ولا هدف له سوى تفتيت جبهات الدول الغربية، وزرع الخلافات والانقسامات في ما بينها لكي يسهل اختراقها.   


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار