: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

في كازخستان ... ما خفي كان أعظم!

131
148
128

تكشف جوانا ليليس في كتابها "ظلال داكنة: داخل عالم كازخستان السري" خفايا الحياة القاسية في كازخستان، حيث الاضطهاد السياسي وكمّ الأفواه. كتابها موثق، إذ تضم فيه عصارة تجربة في هذا البلد دامت 13 عامًا.

إيلاف: أمضت الصحافية البريطانية جوانا ليليس السنوات الثلاث عشرة الماضية في تغطية أخبار جمهوريات آسيا الوسطى. وفي كتابها الجديد "ظلال داكنة: داخل عالم كازخستان السري" Dark Shadows; Inside the Secret World of Kazakhstan (المؤلف من 288 صفحة، منشورات آي بي توروس وشركاه، 17 دولارًا)، تجمع عصارة ما كتبته عن التاريخ السياسي المضطرب لهذا البلد.

يرسم كتابها صورة بلد لا يُعرف عنه الكثير في الغرب، يقع استراتيجيًا بين روسيا والصين على حدودها الشرقية. وهو بلد غني بالنفط يسعى إلى اقتطاع موقع له في العالم، في وقت يحاول التصالح مع تاريخه المعقد.

في مقابلة مع موقع "فويسيس أون سنترال أيجيا"، قالت ليليس إن الناس في الغرب يسمعون عن كازخستان من مصادر رسمية تقدم صورة إيجابية عن البلد وزعيمه، أو من صحافيين غربيين كثيرًا ما يمضون فترة قصيرة في البلد قد تبهرهم الصورة الرسمية أو يجدون صعوبة في النظر أبعد من القوالب النمطية. لكن كتابها يستند إلى 13 سنة من التغطية المباشرة لأحداث كازخستان، حيث أقامت منذ عام 2005. معتبرة أن كتابها "صوت الذين لا صوت لهم في كازخستان".
 
انتهاكات بالجملة
ما من كتاب عن كازخستان سيكون كاملًا من دون أن يقتفي مسار البلد السياسي خلال 27 عامًا من الاستقلال، بقيادة نور سلطان نزاربايف، الذي يحكم البلد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل نحو ثلاثة عقود. يتناول الكتاب القوى التي تضافرت لتمكين نزاربايف من مواصلة دوره زعيمًا لكازخستان طيلة هذه السنين.

يعاين "ظلال داكنة" إدارة أستانة للانتخابات بأدق تفاصيلها، وهو أمر يتعارض مع الديمقراطية، لأنها انتخابات تجري بكل مظاهر الديمقراطية، لكنها تفتقر إلى العنصر الجوهري المتمثل في الخيار السياسي الغائب هنا. كما يتطرق إلى تكميم الإعلام وقصص عن أعمال عنف وترهيب، وقمع المعارضة ومنع الاحتجاج السلمي.

في هذا الشأن، قالت صاحبة "ظلال داكنة" إن لكازخستان سجلًا من الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، واستمر يتراجع في هذا المجال خلال السنوات الثلاث عشرة التي عاشتها هناك. أضافت أن النظام يعتدي على الحريات السياسية والمدنية، والبلد لم يشهد انتخابات حرة ونزيهة منذ نحو ربع قرن، والانتخابات أصبحت ممارسة تثير السخرية، وأُعيد انتخاب نزاربايف آخر مرة بنسبة 98 في المئة من الأصوات، الأمر الذي لا يعكس شعبيته بقدر ما يعكس عدم وجود معارضة تتحدى سلطته.
 
عبادة الشخصية
لكن الكتاب لا يغفل أن يشير إلى إنجازات عهد نزاربايف الذي تؤكد الكاتبة إنه يتمتع بشعبية حقيقية بين كثير من المواطنين الذين يثمّنون بصفة خاصة ما ارتبط باسمه من استقرار وازدهار وتسامح مع الأقليات الإثنية. وعلى الجانب الآخر يتحدث الكتاب عن قوة الدعاية في تعزيز شعبية الزعيم ونشر ما يسمّيها الخصوم عبادة الشخصية.

كما يقتفي الكتاب أحداثًا كثيرًا ما تكون شديدة الغرابة وأحيانًا مرعبة حددت شكل الحياة السياسية في كازخستان منذ الاستقلال، من سقوط راخات علييف صهر نزاربايف السابق، الذي عُثر عليه ميتًا في سجن نمساوي، إلى ملاحقة مختار إبليازوف، الأوليغارش الذي يقيم في فرنسا وخصم النظام اللدود.

مما يتناوله الكتاب أيضًا تركيبة كازخستان وأصول شعبها والقوى التي حددت هويات الكازاخيين والأقليات المتعايشة معهم وتركة الحقبتين القيصرية والسوفياتية والعمليات التي أحدثت تغيرات سكانية في البلد خلال القرن الماضي أو نحو ذلك في بلد ما زالت الروسية اللغة السائدة فيه.

شهود عيان
يتضمن كتاب "ظلال داكنة" أقوال شهود عيان عاشوا فصولًا دامية في تاريخ كازخستان المثير، خصوصًا في الحقبة الستالينية التي تركت أثرًا عميقًا في الحاضر من المجاعة وحملات القمع في الثلاثينات إلى التسفيرات في أربعينيات القرن الماضي.

يروي الكتاب حكايات تبيّن تنوع هذا البلد الجميل وحياة شعبه، من المؤمنين الروس القدامى الذين يعيشون في قرى نائية، إلى الملحد المتمرد، الذي دخل السجن وأُخضع للعلاج النفسي بالإكراه في معركة مع الدولة، إلى مربي طيور النعام في السهوب الجنوبية وقرويي البطاح الشمالية الذين لا يستطيعون أن يقاوموا النوم.

تقول ليليس إنه من الصعب تلخيص بلد في جملة واحدة، لكن ما أرادت أن تقوله في كتابها هو أن كازخستان بلد معقد وآخاذ، متنوع ومبهر، جميل وشقي، مليء بأذكياء وشجعان يبنون حاضرًا ومستقبلًا من ماضٍ مأزوم ومضطرب.
 
 
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "فويسيس أون سنترال أيجيا". الأصل منشور على الرابط:
http://voicesoncentralasia.org/joanna-lillis-on-her-book-dark-shadows-inside-the-secret-world-of-kazakhstan/
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات