: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

مراسلاتٌ في الحروب أقوى من الرجال... ولكن!

130
150
125

لم تكن ماري كوفلين مراسلة حرب عادية، فقد تميّزت بقلبٍ مقدامٍ، ونجحت في نقل حقيقة ما يعاني منه الناس خلال الحروب، مسلّطةً الضوء على حقوق الإنسان التي عايشتها عن كثب في مختلف بلدان العالم، بغضّ النظر عن الحدود والأعراق والصفقات السياسية الكبرى.

إيلاف من بيروت: كتبت الصحافية والكاتبة ليندسي هيلسوم سيرة حياة المراسلة الحربية الشجاعة ماري كولفين، التي عملت في صحيفة "صنداي تايمز" من عام 1985 إلى عام 2012، تاريخ وفاتها في الحرب السورية.

كشفت هيلسوم في كتابها "في أقسى الظروف: سيرة المراسلة الحربية ماري كولفين" In Extremis: The Life of War Correspondent Marie Colvin (المكون من 437 صفحة، منشورات شاتو وويندوس، 28 دولارًا) عن الجانب المميز لدى كوفلين، الذي جعل منها مراسلةً لا تشبه زميلاتها من مراسلات الحروب.

إنسانية قصوى
في حين أن كولفين كانت تتقرّب من معمّر القذافي ومن ياسر عرفات، ظنًا منها أن التركيز على الشخصيات البارزة بدلًا من الحرب بذاتها هو الذي يميّز المراسلات من النساء، كشفت هذه السيرة الذاتية لهيلسون أن ما كان يميّز كوفلين فعليًّا هو براعتها في الكتابة بشغفٍ عن حياة الناس العادية خلال الحرب، سعيًا منها إلى مساعدة الآخرين على فهم الحقيقة من خلال المعاناة التي يعيشها الشعب في أصعب الأوقات.

وهي وثّقت مشاهداتها تحت عنوان "الإنسانية في حالاتها القصوى". أما القطعة الأخيرة التي كتبتها، فروت فيها اختباراتها الأخيرة في منطقة بابا عمرو في حمص، حيث تجمّعت نساء ثكالى وأطفال، فجوّعتهم قوات النظام، ثم عمدت إلى قتلهم عبر قصف مخبئهم، وذلك تحت عنوان "قبو الأرامل"، وكان هذا آخر ما كتبته قبل وفاتها.
 
تهوّر خطير
ترسم الكاتبة هيسلون صورة كوفلين بصراحة، فهي تكشف بوضوح أنها كانت تتصرّف بتهوّرٍ. فوفقًا لما وثقته هيلسون، كانت كوفلين قد ذهبت سابقًا في مهمة إلى بابا عمرو، استطاعت أن تأخذ خلالها المعلومات التي أرادتها لمقالها، لكنها قرّرت أن تعود، خلافًا للتوجيهات، ومن دون أن تخبر رئاسة تحرير الصحيفة.

في خلال هذه العودة، قررت أن تنقل فاجعة وفاة طفل بالفيديو بدلًا من أن تخبر عن مشاهداتها، لأنها كانت مقتنعة، وفقًا للكتاب، أن الصورة من شأنها أن تحرّك مشاعر القراء، وتحثّهم على التفكير في المحنة التي تمر بها سوريا.

ففي مواقف عديدة، عمدت المراسلة المندفعة حتى اللحظة الأخيرة، إلى اختصار الوقت والإجراءات من أجل الوصول إلى أهدافها بسرعةٍ.
 
شجاعة نادرة
عبّرت كولفين عن شجاعةٍ استثنائيةٍ في مختلف الحروب التي خاضت ميدانها، وكانت دومًا أولى الواصلات وآخر المغادرين.

في هذا السياق، تسرد الكاتبة مواقفها المقدامة في كل من تيمور الشرقية، الشيشان وسري لانكا. أما مشاركة الصحافيين في تغطية الأحداث خلال الربيع العربي، فكانت الأخطر على الإطلاق.

استنادًا إلى الكتاب، ترجّح الاحتمالات بأن تكون قوات النظام السوري هي التي قتلت كولفين (55 عامًا) بوساطة صاروخ، لذلك تتّخذ عائلتها حاليًا إجراءات قانونية بحق النظام السوري.

صراع دائم
تتطرّق الكاتبة إلى الجانب الشخصي من حياة كوفلين، فتكشف أن علاقتها المضطربة مع والدها هي التي دفعتها في الأساس إلى النجاح، لكي تثبت نفسها. 

كما تنتقل لتخبر عن التأثير الذي تركه عملها كمراسلةٍ حربيةٍ على حياتها الشخصية. فقد عانت من الصدمة النفسية جراء اختبار الحروب، ووجدت صعوبةً في تأمين التوازن بين أقصى درجات الصراعات والنمط الهادئ والمنتظم الذي تتطلّبه الحياة العائلية، كما عانت من الانفصال ومن علاقاتها الصاخبة. لم تتمكن كذلك من تحقيق حلمها في الإنجاب، لأنها خلال هذه الفترة كانت مشغولة في صنع اسم لها.
 
 
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونومست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2018/11/03/the-life-and-death-of-a-courageous-war-reporter?frsc=dg%7Ce
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات