بدأت أصداء فضيحة قطر تأخذ صخباً سياسياً، تحاول الدوحة بجدية وأدها سريعاً بإعادة إنتاج أساليب مستهلكة من خلال رفع سقف الخطاب الدعائي لمنظومتها الإعلامية من فضائيات ومواقع ومنصات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يقودها جناحان؛ عناصر من جماعة الإخوان المسلمين من جهة، وعزمي بشارة ومؤسساته البحثية وأدواته الإعلامية من جهة أخرى.
عجز، وهن، إخفاق، فشل، مهانة، خيبة، ضعف؛ كلها مصطلحات ومفردات تستخدمها منظومة قطر الإعلامية لتوصيف الحالة العربية أمام استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، للهروب من تبعات ما كشف عنه الإعلام الإسرائيلي، تحت مسمى "قطر غيت"، الفضيحة التي طالت مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالإضافة إلى شخصيات مقربة من دائرته السياسية والأمنية، دأبت على تعزيز مكانة الدوحة وتلميع صورتها، والترويج لمصالحها داخل أروقة مؤسسات دولة الاحتلال مقابل مبالغ مالية.
أبعاد الفضيحة وتوقيتها؛ التي وصلت إلى المحاكم الإسرائيلية وصدرت بها أوامر مباشرة باعتقال بعض مساعدي نتنياهو، انعكست على السياسة الإسرائيلية وتعقيدات معادلاتها الداخلية، خاصة في ظل الحرب المستمرة، وما تشهده من ازدياد الضغط الدولي على أقطاب الائتلاف اليميني الحاكم، الساعي لاستكمال مساره مدته القانونية للوصول إلى الانتخابات المقبلة التي يحين موعدها بعد سنة من الآن، والتي يتطلع إليها نتنياهو بحساباته الدقيقة للبقاء في المشهد السياسي لتل أبيب.
قطر تدرك أنَّ الكرة باتت في ملعب المعارضة الإسرائيلية، التي ستشن هجوماً سياسياً على حكومة نتنياهو مستغلة الفضيحة، التي ما زال بعض جوانبها مخفياً، لبناء رواية متكاملة، وما هو ما جعل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يلتقط مؤشراتها ويُبادر باقتراح إبرام صفقة خروج آمن لنتنياهو، تفضي بإنهاء حياته السياسية مقابل عدم محاكمته ودخوله السجن.
معلومات مؤكدة عن اتصالات قطرية جرت خلال الشهور الماضية مع بعض أعضاء الكونغرس الأميركي، لإيصال فكرة المبادرة من قبل الرئيس الإسرائيلي بالصفقة المقترحة لوقف اهتزازات فضيحة "قطر غيت"، وعدم تطورها إلى زلزال سياسي قد يضرب قواعد مشروع حاولت قطر جاهداً تثبيته في المنطقة منذ وصول الحمدين بن خليفة وبن جاسم لسدة الحكم في الدوحة، ووراثة أميرها تميم بن حمد.
باب السيناريوهات التي ستشهدها المنطقة ما زال مفتوحاً على جميع الاحتمالات، وتداعيات الصراع مستمرة في إلقاء ظلالها على أنظمة ودول في المنطقة، وهو ما تطمح قطر لإنهائه سريعاً للحفاظ على معادلات نفوذ تشكلت طيلة سنوات سابقة، لذلك تراهن اليوم الدوحة من خلال سياساتها وتحركات دبلوماسيتها وخطابها الإعلامي الصاخب، على نهاية مسيرة نتنياهو السياسية، وطمس الفضيحة لكي لا تكون لوثا في صورتها ورمزيتها أمام الشعوب العربية.