بدأت الاحداث والتطورات في إيران تلفت النظر أکثر من أي وقت آخر، ولاسيما وإنه کلما صعد النظام الايراني في خطابه ضد الشعب وکلما صعد من ممارساته القمعية التعسفية وإزداد وفقا لذلك عدد الضحايا والمصابين على يد القوات الامنية، فإن دائرة الانتفاضة الشعبية ضد النظام تتوسع أکثر وحتى إن لجوء النظام الى دفع أنصاره للنزول الى الشوارع والقيام بتظاهرات مضادة مٶيدة له، لم تعتبر خطوة موفقة لصالح النظام بل إنها أثبتت ضعفه وعجزه خصوصا وإن هکذا تظاهرات مصطنعة ومفتعلة هو اسلوب مفضوح من جانب الانظمة الدکتاتورية لإثبات جماهيريتها عنوة.
الانتفاضة الشعبية وهي على مشارف دخولها أسبوعها الثالث، وفشل النظام الواضح في قمعها وإخمادها بمختلف الطرق، باتت تعطي ثمة إنطباع واضح من إن سيناريو إسقاط نظام الشاه يتکرر مرة أخرى، لکن مع ملاحظة إن النظام الحالي أکثر دموية ويصر على مواجهة الرفض الشعبي له ووصفه بشتى النعوت السلبية وتخوينه لکن وعلى الجانب الآخر، يبدو إن الشعب الايراني قد أصابه ليس السأم بل وحتى القرف من إصرار النظام على إضفاء القدسية لنفسه وإعتبار جميع من يواجهونه ويرفضونه من أنهم (محاربين ضد الله)، وکأن لسان حال الشعب الايراني يخاطب شخص خامنئي ويصرخ بوجهه: اللعبة إنتهت، الله لايحتاج مثلك وکيلا بل وحاشاه من ذلك!
هذا النظام الذي قتل الالاف من المواطنين الکرد الايرانيين في سنندج وکذلك الالاف من السجناء السياسيين في مجزرة صيف عام 1988، بناءا على فتاوي الخميني وکرر نفس الشئ بحق 1500 من الذين إعتقلهم على أثر إنتفاضة 15 نوفمبر2015، يصر على مواصلة نفس النهج ويقوم بذبح الشعب بإسم الله والاسلام ولاريب من إن الله والاسلام براء من هذا النظام براءة الذئب من دم يوسف.
إستباحة الظلم بمختلف أشکاله عبر إستغلال الدين وجعل دخول الجنة والنار مرتبطا بمماشاة النظام وعدم مواجهته، اسلوب فج خصوصا وإن ملالي إيران قد تمادوا فيه کثيرا وتجاوزوا کل الحدود، بل وإن حالة الهلع لأئمة الجمعة (وکلاء خامنئي) والتي باتت تبدو واضحة في خطبهم النارية التي يهددون بها يسرة ويمنة ويصفون کل من يواجه النظام بالمنافق والعميل والخائن، لم تزد الطين إلا بلة، ذلك إن خطب هٶلاء هي کالبرامج التلفزيونية المملة التي لا يتابعها أحد بل وحتى إنها باتت ترتد سلبا على النظام!
الانتفاضة تتسع والشعب يزداد إصرارا على إسقاط هذا النظام الذي أرهقه کثيرا وجعله يسکن وينام في المقابر والاماکن العامة وداخل الورق المقوى وفي العشوائيات بالاضافة الى تفشي الفقر والمجاعة التي لوحدها کافية لرجم النظام وليس إدانته فقط، هذه الانتفاضة الکبيرة هي نتيجة تراکم ظلم وجور النظام الذي نصب نفسه وکيلا عن الله والله" ليس بظلام للعبيد"، تفضحه وتعريه وإنها بمثابة رسالة الى شعوب العراق ولبنان واليمن وسوريا من مغبة السعي لإستنساخ هکذا نظام قمعي مکروه وما سيجلبه من مآس ومصائب عليهم رغم إنهم قد ذاقوا الکثير قبل إستنساخه!