: آخر تحديث

كيف لنا ان نهرب من مخالب "كلوثو" الشرسة؟؟

61
57
63
مواضيع ذات صلة

كلما تقدّم الانسان في السن واقترب من كهوف الشيخوخة الخانقة ليطأ أول عتبتها المنحوسة سقما وعجزا وضعفا في قدرات الانسان العضلية والعقلية؛ وَوَهَنا جسديا وخلَلا في الذاكرة ونضوب نشاطات العقل حيث تتفاقم التغيرات فوق الجينية وتتدهور فاعلية الخلايا الجذعية وتضعف قابليتها على تعويض الأنسجة التي تتلف وبالأخص الخلايا العصبية الكامنة في دماغ الإنسان الواهن الهرِم.

هنا يتدنى النشاط الفكري وتهرب الأسماء المحفوظة في شريط الذاكرة وربما تغيب الكثير من الحوادث التي مرّ عليها الانسان في مراحل عمره المتعددة حتى كأنّ الذاكرة قد صدأت ونخرت فيها الثقوب وتساقطت كل مخزوناتها أرضا ثم يبدأ خرتيت الزهايمر بالظهور تدريجيا والإقامة في الرأس آبِدا ليصير الانسان هيكلا متحركا بلا ذاكرة.

تلك الظاهرة التي تبرز أثناء الشيخوخة تسمى الانجراف فوق الجيني ( Epigenetic Drift ) ويؤدي هذا الانجراف لبروز سلالات خلوية خارج سيطرة جهاز المناعة المتدهور هو الآخر مع تقادم العمر ومن هنا يبدأ السرطان فعاليته ليستغل هذا الهوان والإنهاك وينشب أظفاره في الجسد ويفعل أفاعيله القذرة لدى المسنّين.

هذا الجين الخبيث الذي يسمونه الأطباء "كلوثو" نسبةً الى آلهة المرض والموت عند الإغريق هو الذي يعمل على جرّنا تدريجيا نحو الهاوية ؛ فتارةً يسرع بنا الى مهاوي الأسقام والردى حينما يصيبنا اليأس والإحباط والرضوخ والاستكانة لأمراض الشيخوخة وتارة أخرى يمشي بطيئا وقد يتوقف أمداً إذا تحسّس أننا نمتلك إرادة قوية وعزما وإصرارا على مواصلة الحياة والتشبث بها حبا والانشداد اليها تعلّقا .

من هنا نعزو السبب في بقاء الكثير من المسنّين يستمتعون بالحياة في صحة وعافية دون ان يصابوا بالأمراض المصاحبة للهرم رغم انهم دائمو التدخين او مفرطو السمنة او مدمنو الكحول او حتى من مرتادي النوادي الليلية والمراقص وأماكن تجارة الجنس.

فالنساء الكبيرات عمراً ممن تجاوزن الستين على سبيل المثال قلما يصيبهن سرطان الثدي  بينما يفعل فعله المدمّر اكثر في الفتيات الأقل عمرا وفق إحصائيات مؤكدة وتتحدى بعض النسوة العجائز عملية الانجراف ويعملنَ على إبطائها على الأقل ويصبحن مثل حال أقرانهن الرجال الهرمين محبّي الحياة ولا يتوانون على أخذ الكثير من المتعة قد تصل الى حدّ التمادي في التدخين والسهر ومعاقرة الخمور والاستئناس بالعمل الشاقّ دون ان تصيبهم اية أسقام خطيرة بما في ذلك العوارض السرطانية التي تتربص بالشيوخ الكبار ممن بلغوا من العمر عتيّاً .

ولأن الخلود من المحال؛ اذ لا يوجد جين الخلود البايالوجي الاّ في مخيلتنا وفي أقبية التمنّي، فما عليك صديقي الهرِم يا من اقتربت من السبعين مثل حالي أنا؛ او تجاوزتها الاّ ان تحبّ الحياة وتتعلق بها مهما كبرت؛ عندئذٍ ستقوم أنت وحدك بعكس عملية الانجراف نحو الهاوية أو على الأقل تبطئ سيرانه في جسدك وعقلك وذاكرتك لتعيش فترة أطول، فالله مع الأقوياء عقلاً وعضَلاً وذوي العزم والإصرار ليهبهم مزيدا من العمر والحياة الخالية أو المخففة من منغصات الأمراض وبلاياها .

 

جواد غلوم

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي