عبارة غيَّرت اليوم مشهد الشهرة وفلسفتها.
اليوم، اصبحت الشهرة تُباع كما السلع في سوق السوشيل ميديا، لا فرق بين فكرٍ نير وعقل حكيم ورفيعٍ، وعرضٍ باهت سريعٍ، يخلو من المضمون والابداع، غزير بالتفاهات والشكليات والماديات.
المشهور، اليوم، هو الإنسان الذي يسعى لأن يُرى، لا لأن يُفهم، ضجيج والوان وقهقهات دون فائدة تُرجى.
في منصات التواصل الاجتماعي التي اصبحت اليوم، للاسف الشديد وبشكل عام، سوقًا للتفاهة، واصبحت مصدرا رئيسيا لها، والتنافس اليوم لم يعد التنافس على من يصنع القيمة، بل من يستهزئ بها ويقلل من قدرها.
ويكفي اليوم انك تصبح وبسهولة «حديث الساعة»، في ظرف لحظة، ولو ليومٍ واحد.
المؤلم في الموضوع ان التفاهة تقضي في طريقها على كل مفكر وصاحب مبدأ، لأن هذا الانسان تنظر له هذه الجموع والاغلبية من جمهور السوشيل ميديا «للاسف الشديد»، بشكل مخالف، فالمفكر، والمثقف اصبح مملًا، وصاحب الرأي الصادق خارج زمانه.
تحوّلنا إلى جمهورٍ يبحث عن التسلية أكثر من الحقيقة، وعن الصدمة أكثر من الفكرة، وما مشاهدة الناس، في معظمهم، وقد انحنت رؤوسهم على شاشات الهواتف الشخصية، متناسين وجودهم مقابل بعضهم في مطعم، أو فرصة لقائهم في جلسة أسرية وعائلية.
تصفيقنا اليوم، وللاسف للمرة الالف، لمثل هذه التفاهات اكثر منه للمضمون الحقيقي والفاعل، لأننا لا نرغب بالتفكير... بالنهاية.
وعلينا ان نعترف اننا «نحن» من صنعنا هذا الواقع المؤسف، بمشاركاتنا بالمشاهدة، حتى وان كان من باب «العلم بالامر» وابداء الاعجاب، والمشاركات. فمجرد الوقوف عند الفيديو يرتفع رقم المشاهدات، ليصبح مَن امامنا مشهورا.
النقطة الأهم في هذا الموضوع انه حين يفتقد الشباب القدوة، يبحث عن البديل في المؤثرين، وحين تغيب اصوات المنابر الفكرية الحقيقية، تملؤها الأصوات العالية بأي مضمون.
ما هو الحل؟
بالتأكيد ليس بإلغاء هؤلاء، اولا لأن ذلك ليس حلا جذريا، وثانيا انه يستحيل نجاح هذا الحل، فلكل زمانٍ ابطاله ورموزه.
نحتاج اليوم الى إعادة بناء الذوق العام، وتكثيف العمل على ترسيخ الوعي في المدارس في الساحتين التربوية والإعلامية، وقبلها بالتأكيد في المجتمع بشكل عام.
يجب أن نغرس في الجيل الجديد أن «الشهرة» أن تكون معروفًا بما تُقدّم من معنى والتفوق العقلي، والثراء في المضمون الشخصي المفيد... وان العظمة والشهرة ليستا أن يُعرف اسمك، بل أن يبقى أثرك مفيدا وينير العقول.
إقبال الأحمد

