: آخر تحديث

نتنياهو لا يملك من اللغة إلا أنيابها!

1
1
1

عبدالكريم الفالح

قال نتنياهو عن رئيس وزراء أستراليا ألبانيزي إنه «خائن لإسرائيل» و«تخلّى عن يهود أستراليا»، وذلك تعليقاً على تصريح ألبانيزي بقرب اعتراف بلاده بدولة فلسطين.

كأن الكرة الأرضية مطالبة بأن تضع مصلحة تل أبيب في وصاياها العشر.

لم يعد نتنياهو يملك من اللغة إلا أنيابها!

يختار مفرداته كما يختار جلادٌ سلاحَه. يطلقها لا لتقنع، بل لتجرح!

‏المفارقة أن الرجل الذي لم يتردد في خيانة إنسانية كاملة، في نثر الدم الفلسطيني على كل أرض وسماء، وفي تحويل غزة إلى مقبرة جماعية، يوزّع اليوم شهادات «الخيانة» وكأنها أوراق اعتماد للوطنية.

يتهم الآخر بالضعف وهو الذي يستمد «قوته» من تدمير بيوت وأحلام الأطفال. يمزج أطعمتهم بالدم. يصرخ بالخيانة؛ لأنه يخشى أن تنقلب أول خيانة لتكون ضده: خيانة العالم لصمته الطويل.

إن اللغة حين تسقط في يد طاغية تفقد براءتها. تصبح «قوية»، لكنها يأس وغباء وفشل.

الكلمة لا تعود بيت شعر، بل قذيفة. ونتنياهو، وهو يختار «الخيانة» لوصف ألبانيزي، يفضح هشاشته أكثر مما يفضح خصمه. فأن تعترف أستراليا بفلسطين ليس خيانة لليهود، بل خيانة للزمن الطويل الذي حاول نتنياهو احتجازه في قبضة الدم.

التاريخ الذي توعّد به ألبانيزي، هو نفسه التاريخ الذي سيكتب عن نتنياهو: «خان الإنسانية، خان لغة البشر، خان حتى ذاكرة الضحايا حين حوّلها إلى شماعة دائمة لبقائه».

إنه لا يدرك أن أكثر ما يخشاه سيتحقق: أن تُكتب سيرته بمداد الخزي، بينما يكتب الآخرون ميثاق الاعتراف بفلسطين بحبر العدالة.

سيكتشف متأخراً أن الخيانة ليست اعتراف أمة بفلسطين، بل إنكار أمة لدموعها. سيكتشف أن القوة التي تقوم على جثث الأطفال لا تبني دولة، بل مقبرة للتاريخ، وأن أكثر الكلمات غباءً هي تلك التي يظنها الطاغية سلاحاً، بينما تفضحه كمرآة مكسورة تعكس قبحه للعالم بأسره.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد