عبده الأسمري
حول «الأدب» إلى مشارب من «الفرج» تشكلت في غيوم من «الرواية» أمطرت صيباً نافعاً من «اليقين» موجها ً بوصلة «القلم» شطر الهمم التي غلبت «الهم» وتغلبت على «الغم» ورفعت شأن «الإنسان» وزرعت معنى «الأمان» في حقائق من الضياء وطرائق من السخاء.
امتطى صهوة «الإعلام» كفارس أصيل وممارس نبيل ملأ «فراغات» البدايات بمتون «الصحافة» وشؤون «الثقافة» فكان «الابن البار» و»الوجه المشرق» الذي وزع «الخطط» على مرأى «الزمن» في محطات تكللت بواقع «الحرص» وتجللت بوقع «التوجيه».
اقتنص «المواقف» الجائلة في فضاءات «الأحداث» ليرسمها في «روايات» عانقت صدر «التاريخ» ويوظفها في قصص ارتسمت على ناصية «الأثر».
إنه الأديب الشهير والإعلامي الخبير الأستاذ غالب حمزة أبو الفرج - رحمه الله- أحد رواد القصة والرواية والصحافة السعودية.
بوجه مديني مسكون بتقاسيم «ودودة» وملامح تتواءم مع «عائلته» الشهيرة بالعلم والمعرفة وعينان تسطعان بنظرات «التروي» ولمحات «الهدوء» وأناقة تعتمر «البياض» وشخصية تحلت بطابع «الفكر» وتوسمت بطبع «الضياء» لطيفة الوصال راقية القول بديعة اللفظ وسطية «الرأي» فاخرة «الحضور» وصوت مزيج من لهجة مدينية حجازية بحكم النشأة والتنشئة ولغة فصيحة حصيفة باحتكام الحرفة والاحتراف وعبارات تدوي بصوت «الأديب» واعتبارات تتردد بصدى «المثقف» وتواجد متنوع في منصات «الوطن» ومحافل «الخارج» ومواقع «القرار» قضى أبو الفرح من عمره عقود وهو يرسم «خرائط» المكانة للقصة السعودية ويؤصل «معالم» التمكين للرواية الإنسانية ويرفع راية «التمثيل الدولي» في مؤتمرات الخارج ويكتب ملاحم «الفجر» للإذاعة والتلفزيون ويوثق «مراحل» التميز في الأداء الوظيفي ويبني جسور «التحرير» في مؤسسات الصحافة أديباً وخبيراً وقيادياً ووجيها ًبنى صروح «السمعة» على أركان من «التأثير» المقترن بالأثر و»التقدير» المقرون بالمآثر ليضع اسمه في قوائم «الرواد» ويترك صداه في مقامات «الرياديين».
في المدينة المنورة «منبع الطهر» الباذخة بتخريج «النبلاء والأدباء والوجهاء» إلى محافل «الانفراد» ولد أبو الفرج عام 1921 في يوم مشهود بالفرح ملأ أرجاء «الأماكن» بعبير «المباركة» وأكمل مسافات «الزمن» بأثير «البركة» وامتزجت القدوم المبارك بمعالم البهجة التي غمرت منزل والده بعناوين «السرور» وتناقلت الأسر النبأ على أجنحة «المشاركة» في وئام «بشري» كان العنوان الرئيس لسكان المكان.
تفتحت عيناه على «اتجاهات» التقى في صيت والده المسجوع بطيب الجيرة ونقاء السريرة و»ومضات» والدته الحانية الشهيرة بحب الخير وعمق العاطفة فنشأ بين قطبين من «الوجاهة والتوجيه» أسبغا عليه بموجبات «النبل» وعزائم «الفضل» وأنارا له مشاعل «البصيرة» في دروب السلوك وأبعاد المسلك.
تعتقت نفسه باكراً برياحين «البركات» وتشربت روحه مضامين «الطاعات» في فضاءات» طيبة الطيبة» الممتلئة بأريج «التقوى» فاكتملت في ذهنه «معادلة» الطمأنينة بين الأرض والسماء وتكاملت في قلبه «متراجحة» السكينة بين الأعماق والآفاق.
ركض أبو الفرج مع أقرانه بين أحياء سيد الشهداء وقباء والعوالي متأبطاً كراسته «الصغيرة» التي كان يدون عليها «قصص» العابرين على عتبات «الزيارة» وظل ينظر إلى الأمام بعين «المتدبر» منصتاً إلى «المرويات» الراسخة في «حيز» الذاكرة البيضاء الموشومة بمواقف الطيبين ووقفات الحالمين.
انتظم في دراسته بالتعليم العام ثم سافر إلى مصر لإكمال دراسته وحصل على شهادة معهد الأشعة والراديوم ونال الليسانس في الحقوق وارتبط بالعمل الحكومي حيث عمل في بداياته خبيراً فنياً للأشعة والكهرباء بوزارة الصحة ثم عمل في الديوان الملكي ثم انطلق في درب الإعلام والصحافة؛ حيث تعين رئيساً لتحرير جريدة أم القرى «بالنيابة» وعمل لفترة مستشاراً فنياً للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر.. ثم مديراً عاماً للمديرية قبل إنشاء وزارة الإعلام ثم تعين على منصب مدير عام المديرية العامة للصحافة والنشر ومشرفاً على الشؤون السياسية بالإذاعة خلال عمله بوزارة الإعلام ثم أصدر أول صحيفة باللغة الإنجليزية.
وأشرف على مجلة الإذاعة والتليفزيون بين عامي 1404هـ، 1407هـ ثم عمل رئيساً لتحرير جريدة المدينة المنورة، وعمل لفترة في وزارة الخارجية ثم تفرغ للتأليف والعمل الخاص، وفي شهر شعبان 1415هـ تم تعيينه رئيسا لتحرير جريدة البلاد خلفا للدكتور عبدالعزيز النهاري واستمر في منصبه حتى عام 1417..
مثل السعودية وترأس وفودها في اجتماعات الجامعة العربية لأكثر من ربع قرن في اجتماعات وزراء الإعلام العرب.
يعد أبو الفرج من أهم رواد «القصة» وأبرز كتاب «الرواية» حيث قام بتأليف عدد من «المجموعات القصصية» ومنها البيت الكبير، وتقرع الطبول، وألقاك غداً، وليس الحب يكفي، والضياع، وأوراق ملونة.
وأصدر أكثر من 14 رواية منها: حوش التاجوري، وزقاق الطوال، وسنوات معه، والطريق إلى سراييفو، وغرباء بلا وطن، وقلوب ملت الترحال، والمسيرة الخضراء، واحترقت بيروت، وكارلوس، وحادث فيينا، ووجوه بلا مكياج، ووداعاً أيها الحزن، ولا شمس فوق المدينة، ولا شيء يمنع الحب، وحتى لا تفقد الشمس..
وقد أصدر مؤلفات في مجال الإعلام تُرجمت إلى نحو 30 لغة.
وكتب أبو الفرج المقالات السياسية والثقافية وشارك في الكثير من «المناسبات» الوطنية والمؤتمرات الدولية..
انتقل أبو الفرج إلى رحمة الله في يوليو 2006 و ووري جثمانه في مقابر البقيع بالمدينة المنورة التي ولد فيها وأحبها وارتبط بها، رغماً عن تباعد «الأماكن» وضروريات «الترحال» وأديت الصلاة عليه في المسجد النبوي الشريف.
وقد وصفه الكثير من أقرانه ورفقاء دربه بالموجّه الطموح، وصاحب «الريادة» في قطاع الثقافة، ونعته الأوساط الإعلامية والأدبية، وكتب عنه الكثير من «الكتاب» في زواياهم الأسبوعية مستعرضين «السيرة المميزة» للراحل وما قدمه من «عطاءات» أضافت إلى رصيد «الصحافة والأدب» أرقاماً صحيحة من التميز..
أجاد أبو الفرج العزف على «أوتار» الرواية بإتقان عالٍ، ووظف حسه الأدبي وإحساسه الإنساني في فتح «بوابات» الأمل وترتيب «مواعيد» الأمنيات» على أسوار «الانتظار» ضمن سرد مزج ما بين «قوة» السعي وحظوة» الوعي» في تحويل «الأدب» إلى واحة مبهجة تواءمت فيه أسرار «الحكايات» مع علانية «المرويات» التي كان «الإنسان» فيها محور ارتكاز للقضايا والهموم.. وكان فيها «الضمير» عنواناً لكل تفاصيل العواطف والمشاعر..
ملأ أبو الفرج مكانه وأبهج زمانه في العمل الإعلامي؛ حيث كان وجهاً للإنجاز وركناً للاعتزاز ومنظومة بشرية متكاملة وزعت «بصائر» القرار في اتجاهات متعددة، كان فيه «عقل» المرحلة و»رجل» المهمة الذي رسخ «البصمات» ووزع «المهمات» بأسبقية «الاقتدار» وأحقية «الاعتبار».
غالب أبو الفرج.. الإعلامي الخبير والأديب القدير صاحب البصمات المضيئة والصفحات المشرقة في سجلات» البارعين» وعطاءات «المبدعين».