في عالم المال والأعمال، تتنافس المؤسسات المالية نحو تفعيل التقنيات الحديثة، وجعلها ركيزة أساسية لإدارة عملياتها، وتقديم خدمات نموذجية وآمنة، تُرضي عملاءها، فيما يعرف بـ"التحول الرقمي"، وتؤمن هذه المؤسسات بأن من يتخلف على تفعيل هذه التقنيات بالصورة المثالية، وفي الوقت المناسب، فلن يكون له مكان في خريطة مستقبل هذا القطاع، الذي لا تتوقف فيه مسيرة التحولات الرقمية، وهو الأمر الذي فطنت إليه الأكاديمية المالية مبكراً، وقررت التركيز عليه من خلال فعاليات ملتقياتها التي تنظمها سنوياً، وصولاً إلى النسخة الرابعة التي أقيمت في الأيام الأولى من شهر أكتوبر الجاري (2025).
ومن يتابع المشهد المالي في المملكة، تحت مظلة رؤية 2030، ودور الأكاديمية الأساسي في هذا المشهد، يجد أن لدى الأخيرة رسالة وطنية سامية، لطالما تمسكت بها، وحرصت على أدائها بدقة متناهية، هذه الرسالة تتمثل في القيام بدور المُمكّن الوطني للقطاع المالي، فضلاً عن دورها الرئيس في تنمية الكفاءات المالية، والارتقاء بالجانب المهني إلى المستوى المطلوب، فضلاً عن تأهيل القيادات المالية المُبدعة، التي تستطيع إدارة المؤسسات المالية وفق أحداث التقنيات الحديثة، وعلى رأسها تقنية الذكاء الاصطناعي، بما يتواكب مع متطلبات رؤية المملكة 2030، الساعية إلى رفع كفاءة القطاع المالي، وتوسيع دائرة مشاركته في دعم وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وإذا كانت الملتقيات الثلاثة السابقة للأكاديمية المالية ركزت على موضوعات محددة، فإن ملتقاها الأخير ركز على أهمية تفعيل التقنيات الحديثة داخل المؤسسات المالية، من بوابة تأهيل العنصر البشري، للقيام بهذه المهمة على أحسن وجه، الأمر الذي يرتقي بمكانة الأكاديمية، ويعزز دورها، ويجعلها بمثابة منصة حوارية مهمة، تتيح تبادل الخبرات والأفكار بين المشاركين، بما يسهم في ترسيخ التعاون بين المؤسسات المالية، وتوحيد جهودها، بهدف تحقيق أهداف رؤية 2030، ومن هنا، رسمت فعاليات الملتقى الأخير للأكاديمية، خطة عمل، تظهر مسارات تأهيل العنصر البشري، والتأكيد على أنه أساس نجاح المؤسسات المالية، ودفعها لتحقيق تطلعاتها مجتمعة، ليس هذا فحسب، وإنما ركز الفعاليات أيضاً على أهمية تعزيز ونشر ثقافة الوعي والإدارك بأهمية إيجاد قيادات ذكية مبدعة، قادرة على ابتكار المبادرات النوعية للارتقاء بالمؤسسات المالية، وتحديد الأهداف الاستراتيجية، التي تحقق النتائج المرجوة.
ويمكن التأكيد على أن مستهدفات الملتقى الأخير للأكاديمية، هي جزء من الأهداف الاستراتيجية للأكاديمية، المتمثلة في تعزيز التطوير المهني المستمر للعاملين في القطاع المالي والارتقاء بمستواهم، بما يتواكب مع المستجدات العالمية، ويتحقق ذلك من خلال مبادرات نوعية، تستهدف توفير مجموعة من الأنشطة والحلول والتقنيات المبتكرة والفعالة والتي من شأنها دعم الجهود الجماعية لتحقيق التنمية المستدامة لرأس المال البشري في القطاع المالي، الذي هو جزء لا يتجزأ من مسيرة تحقيق مستهدفات الاقتصاد السعودي، وفق تطلعات الرؤية الحكيمة.
نبقى في محيط الملتقى الرابع للأكاديمية، الذي توّج نجاحاته، عندما جمع المسؤولين وصنَّاع القرار في القطاع المالي، سواء في القطاع العام أو الخاص، ورؤساء الهيئات والمؤسسات، والرؤساء التنفيذيين، إلى جانب نخبة من الباحثين والأكاديميين والخبراء والممارسين والمتخصصين في شؤون المال والاستثمار من داخل المملكة وخارجها، واستعرضوا جميعاً سبل تعزيز التميز المؤسسي بأفضل ممارسات التدريب والتطوير في عصر التقنية والابتكار، وستكون هذه النقاشات مرتكزاً لخطط تطوير القطاع المالي السعودي، ودعمه بالعنصر البشر المناسب، القادر على تفعيل التقنيات الحديثة.