كما قامت الحكومة أخيراً بوقف العمل بأفضلية المنتج الوطني في المشاريع الحكومية، لتُغلق نافذة كانت المتنفس الوحيد للمصانع المحلية. ومع ذلك لا يزال المصنّع يقوم بدوره، وينتج، ويخلق قيمة حقيقية مضافة، ويوفر وظائف جادة ومستدامة للمواطنين، ويضخ استثمارات تعزّز الدورة الاقتصادية، وينتح سلعاً تحفظ جزءاً من أمن البلد الصناعي، علماً بأن المصنّع المحلي لا يطلب دعماً بلا حدود، بل عدالة واضحة، وأن يُرفع عنه ما لا طاقة له على تحمّله، وأن يُعطى مساحة لينافس المستورد في سوقه وعلى أرضه. فالكويت قادرة على أن تكون بيئة صناعية حقيقية، لكن البداية تكون بقرار حكومي شجاع يعيد الاعتبار للمنتج الوطني. فقرار الجهات المعنية بحرمان المنتج الوطني من ميزة الأفضلية في المشاريع الحكومية، اعتمد على قرار صادر من «الفتوى والتشريع». لكن هذه الجهة هي التي سبق أن «أفتت» بضرورة إعطاء المنتج المحلي الأفضلية في مناقصات ومشاريع الدولة (قانون المناقصات لسنة 2019). وحتى لو افترضنا أن القرار الأخير ألغى الأفضلية، إلا أنه «بقي قاصراً»، حيث افتقد شرط «المعاملة بالمثل»! فكيف أساوي بين السعر المقدم من المنتج المحلي، بالسعر المقدم من المنتج الخارجي، إن كان معلوماً أن سعره «مدعوم» من حكومة دولة المصدر؟
نضع هذه القضية بتصرف معالي وزير التجارة، ونتمنى عليه القيام بسد هذه الثغرة، وأن تطول إصلاحاته القطاع الصناعي، فمن غير رعايته ودعمه، سيظل المصنّع الكويتي يواجه معركة غير متكافئة مع المستورد المدعوم من دولته، وسنخسر جميعاً فرصة بناء اقتصاد متين يحمي البلد في المستقبل.
* * *
ملاحظة: أعلمتني العزيزة أسيل أمين، تعليقاً على مقال ماكينات «سنجر» للخياطة، أنها وأخاها ورثا الشركة من والدهما، الذي سبق أن ورثها من جدهما، الشهير بـ«أمين سنجر». وأنهما قررا عام 2017 تصفية الشركة، وليس لها حالياً وكيل، وغالباً لانتفاء الحاجة إليها، كما انتفت إلى مئات الأجهزة الأخرى.
أحمد الصراف