: آخر تحديث

«كمان» أينشتاين و«حذاء» مارلين مونرو

2
2
2

في المزاد الذي أقيم قبل أيام في بريطانيا، تجاوز ثمن آلة «الكمان» التي كان يعزف عليها عالم الذرة الشهير ألبرت أينشتاين، رقم المليون ونصف المليون دولار، كان المنتظر ألا يصل المزاد في نهاية تلك المعركة، حتى إلى ثلث هذا الرقم، غير أن رغبة الاحتفاظ بمقتنيات المشاهير، ترفع عادة الأسعار إلى أرقام تبدو مجنونة، لمن لا يقدر معنى الشغف، ولا يدرك معنى بيت الشعر القديم لأبي فراس الحمداني: «وللناس فيما يعشقون مذاهب»، عاشقو المقتنيات يرونها صفقة عادلة جداً وتستحق ما هو أكثر جداً جداً.

كان العالم ألبرت أينشتاين، الذي كان ولا يزال اسمه مضرب الأمثال في العالم، وحتى الآن، عندما تريد أن تمتدح ذكاء أحد تطلق عليه «أينشتاين»، وعندما تريد أيضاً أن تنال من أحد تقول: «فاكر نفسه أينشتاين».

كان هذا العالم يتوق للعزف على الكمان، ولم يغادره أبداً هذا الحلم حتى الرحيل، ستكتشف أن الشغف بالموسيقى والعزف، ارتبط مثلاً بالعالم المصري د. مصطفى مشرفة، أحد تلاميذ أينشتاين، الذي تنبأ له أستاذه بتحقيق مكانة علمية مرموقة، وعند رحيله مبكراً نعاه أينشتاين قائلاً: «سيظل بيننا يعيش بإنجازاته في مجال الطاقة الذرية».

مصطفى مشرفة لم يكتفِ فقط بمهارة العزف على «البيانو»، وألَّف العديد من المقطوعات، ولكنه أضاف أيضاً مفاتيح جديدة للبيانو، حتى تتمكن هذه الآلة الغربية من عزف مقطوعات موسيقية شرقية.

ارتبط العديد من المبدعين الكبار بالعزف، حتى لو كانوا لا يمارسونه على سبيل الاحتراف، لديكم مثلاً أديبنا الكبير نجيب محفوظ، بدأ تعلم العزف في المرحلة الجامعية، وتنبأ له محمد العقاد أحد أساطين عزف القانون، في مطلع القرن العشرين، أن يصبح عازفاً ذا شأن كبير في هذا المجال، وتحتفظ العديد من محطات التليفزيون العربية بتسجيلات لأديبنا الكبير وهو يعزف، بإبداع ورشاقة على تلك الآلة العصية على استيعابها بسهولة، فهي تتكون من 78 مفتاحاً.

نجيب محفوظ كما ذكر، لم يستطع تحقيق الآمال العريضة التي تمناها لنفسه وتوقعها أيضاً أساتذته في مجال العزف على القانون، ورغم ذلك كان بين الحين يمارس تلك الهواية، وكأنه ينشط ذاكرته الإبداعية، غير أنك تستطيع ببساطة وأنت تقرأ أدب نجيب محفوظ، أن تلحظ حالة موسيقية في لغة الحوار، كما أنه كثيراً ما ينسج في الرواية كلمات أغنية أو موالاً قديماً، ورثة أديبنا الكبير احتفظوا بكل مقتنياته الشخصية، ولم يتم طرح أي منها في مزاد، ولهذا أتمنى أن أجد حجرة في متحف نجيب محفوظ، تتوسطها آلة القانون، وأن يصاحب ذلك أيضاً صوت معزوفات نجيب محفوظ.

في مصر، قبل عشرين عاماً، تم بيع بعض ما تبقى لسعاد حسني، جاءت أرقام البيع متواضعة جداً، بسبب ضعف الدعاية، بينما في العالم لا تزال مثلاً مارلين مونرو من أغلى النجمات، التي أثارت ولا تزال الشغف، ببيع مقتنياتها، صممت إحدى شركات الموضة حذاءً مستلهماً من شخصية نجمة الإغراء الأيقونة الأسطورة، ووصل السعر إلى رقم المليون دولار.

وقال لي مصمم الرقصات الاستعراضية اللبناني الشهير وليد عوني، إنه يحتفظ بحذاء «باليه»، كانت ترتديه مونرو، استطاع الحصول عليه قبل 30 عاماً، من مزاد في أميركا، ولم يتجاوز ثمنه وقتها بضعة مئات من الدولارات، الآن يساوي رقماً يتجاوز ستة أصفار، غير أن وليد أكد قبل سنوات، أنه لن يعرضه أبداً للبيع حتى لو عرضوا عليه مليون دولار!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد