: آخر تحديث

ميزانية 2026.. إنفاق مُنضبط ونمو يتجدد

2
2
2

حين يُقرأ البيان التمهيدي لميزانية 2026، ندرك أن المملكة تكتب فصلاً جديدًا من قصة التحول الوطني. فالأرقام ليست مجرد حسابات مالية، بل شواهد على رحلة يقودها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، لتضع الوطن في موقع عالمي متقدّم، يوازن بين الطموح والواقعية، بين الاستثمار في الإنسان والمكان، وبين الحاضر والمستقبل.

تقدّر وزارة المالية أن تبلغ النفقات في 2026 نحو 1,313 مليار ريال، مقابل إيرادات تقارب 1,147 مليار ريال، أي عجز يُقدّر بـ 166 مليار ريال، ما يعادل 3.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، وفي الوقت نفسه، تتوقع الوزارة أن يحقق الاقتصاد السعودي نموًا بنسبة 4.4 % في 2025، مدفوعًا بالأنشطة غير النفطية التي أصبحت اليوم الركيزة الأساسية للتنويع الاقتصادي، الدين العام سيبقى في حدود آمنة عند 28 % من الناتج المحلي، وهو مستوى مريح بالمقاييس الدولية، ما يعكس حرص القيادة على الاستدامة المالية.

لكن ما تعنيه هذه الأرقام للقارئ أبعد بكثير من مجرد نسب، ففي عام 2024 سجّلت المملكة إيرادات بلغت 1,259 مليار ريال مقابل نفقات 1,375 مليار ريال، بعجز قدره 116 مليار ريال. أما ميزانية 2025 فاعتمدت بإيرادات 1,184 مليار ريال ونفقات 1,285 مليار ريال بعجز متوقع 101 مليار ريال، واليوم في 2026، ورغم زيادة العجز إلى 166 مليار ريال، إلا أن ذلك يأتي في إطار سياسة توسعية محسوبة، تستثمر في المشاريع الكبرى وتضع المواطن في قلب التنمية.

هذه التحولات لم تأتِ من فراغ، بل من نهج وطني متكامل، فقد انخفضت البطالة بين السعوديين إلى 6.3 % في الربع الأول 2025، وارتفعت مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36 % في 2024، متجاوزة مستهدفات رؤية 2030، هذه المؤشرات تُظهر أن الميزانية ليست خطة محاسبية، بل وثيقة حياة ترسم ملامح مجتمع أكثر شمولًا، واقتصاد أكثر تنوعًا.

البيان التمهيدي أشار بوضوح إلى أن أولويات الإنفاق ستظل موجهة نحو التنمية البشرية، البنية التحتية، والخدمات الأساسية، مع استمرار تمويل المشاريع العملاقة مثل نيوم، البحر الأحمر، والقدية، باعتبارها محركات أساسية لجذب الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة. كما يدعم الإنفاق المستقبلي الصناديق التنموية وصندوق الاستثمارات العامة، ليبقى القطاع الخاص شريكًا رئيسيًا في مسيرة النمو.

وما يزيد هذه الأرقام قوة هو النظرة المستقبلية؛ فالتقديرات تشير إلى ارتفاع الإيرادات تدريجيًا لتصل إلى 1,294 مليار ريال بحلول 2028، في مقابل نفقات تبلغ 1,419 مليار ريال، ما يعني استمرار النهج التوسعي مع تراجع تدريجي للعجز. أي أن الاستثمار الحالي في البنية التحتية والإنسان سيُثمر عن نمو أكثر استدامة، واقتصاد متنوع قادر على مواجهة تقلبات الأسواق العالمية.

إن ميزانية 2026 تُلخّص رحلة وطن طموح: من سياسة مالية مرنة في 2024، إلى ضبط منضبط في 2025، وصولًا إلى توسع محسوب في 2026، وكل ذلك ضمن استراتيجية واضحة تضع المواطن أولًا، وتُعزز ثقة المستثمرين، وتُرسّخ مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية.

وهكذا، فإن هذه الميزانية ليست مجرد أرقام على الورق، بل رسالة للعالم: أن السعودية، برؤية قيادتها الرشيدة، تسير بثبات نحو اقتصاد متنوع، ومجتمع مزدهر، ومستقبل تُبنى فيه التنمية على قاعدة صلبة من الثقة، والطموح، والهوية الوطنية.

وما كان لهذه الأرقام أن تتحول إلى إنجازات لولا توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ورؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قاد بحكمته وإصراره مشروع التحول الوطني، فكل نسبة انخفاض في البطالة، وكل ارتفاع في مشاركة المرأة، وكل مشروع عملاق يُبنى على أرض المملكة، هو شاهد حيّ على قيادة جعلت من الأمل واقعًا، ومن الحلم خطة، ومن الرؤية إنجازًا ملموسًا.

إنها باختصار، ميزانية قائدٍ ملهم يقود وطنًا ملهمًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد