: آخر تحديث

كُن نملة

2
2
2

إخوتي وأصدقائي الحضارم لديهم مثل جميل أنقله بتصرف بسيط جداً حيث لم أغير به سوى الكلمة الأولى، يقول المثل: «كُن نملة تأكل سكر، كُن جمل تأكل شوك». ويقصدون بالمثل أنك إذا مشيت في عالم التجارة بهدوء النملة فأنت ستأكل السكر، أما إذا رفعت رأسك وبرزت كالجمل وتباهيت وتعاليت فإنك ستأكل الشوك، كنتيجة طبيعية لتباهيك.

في عالمنا العربي هناك رجال أعمال عصاميون جمعوا الثروة بمشقة بالغة، لذلك تعاملوا معها باقتدار ولم يتباهوا كثيراً بثرواتهم وعاشوا باعتدال، وصرفوا جزءاً من أرباحهم في الأعمال الخيرية، لذلك أحبهم معظم الناس. وإن كان الأمر لا يخلو من حُساد، فكل عتبة درج يخطوها ناجح يوجد كلب يتربص بالناجحين، وهو ما نسميه أعداء النجاح.

خلف هؤلاء ورثة لم يتعبوا في الثروة، بل ورثوها، وهؤلاء يسمون في اللغة العربية بالعظاميين، وهم عكس العصاميين، وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين؛ قسم يُحسن التعامل مع الثروة، وقسم لا يُحسن، والبعض الآخر كان بين هذا وذاك، ولكن بعضاً منهم أكثر الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكثر الحديث فيها، والعرب تقول؛ من كثر كلامه كثر خطؤه، حتى لو لم يخطئ وتحدث بسلامة نية، فهناك من يتصيد في الماء العكر، وأحياناً يخوض هذا الوريث فيما لا يعنيه، فيجد مَنْ يعنيهم الأمر له بالمرصاد، لأنهم يرون أنه تعدى على حقوقهم، لذلك هم يدافعون عنها بكل بسالة. وهذا حق مشروع لهم؛ ولكون مثل هؤلاء لم يتعبوا في الثروة، فقد تكون تصرفاتهم غير منطقية لمن حولهم، وأنا هنا لا أُخطئ هذا، ولا أُصوب لذاك، لكني أتحدث عن ظاهرة يجب التعامل معها بجدية، لأن بعض التصرفات غير المحسوبة من مثل هؤلاء قد تجرّ لكارثة تطول عوائلهم، بحيث يعزف الناس عن شراء منتجاتهم، ومن غير المنطقي أن يضرّ فرد بمصالح عائلة اقتصادية في البلد، لها منشآت اقتصادية مهمة وتخلق وظائف وتساهم بالناتج القومي للبلد.

الظاهرة تستحق الدراسة بجدية عبر علماء النفس والاجتماع العرب من خلال الجامعات، ومن ثم التعاون مع الغرف التجارية في كل مدينة عربية، وإقامة دورات تدريبية للتعامل مع الثروة، شريطة أن تكون هذه الدورات برسوم غير مكلفة لتعليم هؤلاء كيفية التعامل مع الثروة، وكيفية التعامل مع الناس وكسب ودّهم، فالناس هم عملاء هذه المنشآت، وكلما كانت سمعة القائمين على هذه المنشآت جيدة حظيت بإقبال الجمهور على منتجاتهم. وأنا على يقين بأن العصاميين سيحثّون أبناءهم العظاميين على حضور مثل هذه الدورات للحفاظ على ثرواتهم. ودمتم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد