ضياء رشوان
بعد العدوان الغادر الفاشل لإسرائيل على الدوحة عاصمة قطر الشقيقة يوم 9 سبتمبر، وقبل اكتمال عامين على الحرب الوحشية الدامية التي تشنها على قطاع غزة، وإجراءاتها اللاهثة لضم الضفة الغربية، يأتي يوم الاثنين 15 سبتمبر، والذي عقدت فيه القمة العربية والإسلامية الطارئة بالدوحة، ليشهد عدداً من التصريحات والبيانات والوقائع التي غالباً ما ستجعل منه نقطة تحول هائلة في مسار عالمنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط، بل والأرجح العالم كله.
ولن ندخل في ملامح هذا التحول في السطور الحالية، بل سنترك للقارئ الكريم قراءتها بالصورة التي قد تتوافق أو لا تتوافق مع توقعنا، الذي نكتفي بشأنه بالتأكيد أنه ينصرف إلى المدى القصير للغاية وليس خلال أيام قليلة، وأنه ينبني على احتمالات مرجحة لتصعيدات إسرائيلية خطيرة قريبة للغاية سواء في غزة أو في عموم منطقة الشرق الأوسط. ونورد تالياً بعض تلك التصريحات والبيانات التي ترسم الطريق نحو التوقع المشار إليه:
- «سنواصل العمل المشترك بقوة أكبر وتصميم أكثر لحماية بلدينا وحضارتنا، إننا نخوض معركة حضارية ضد الهمجية، والتحالف بين بلدينا يظل دائماً ولا يتزعزع كما هو حال أحجار الحائط الغربي الذي زرناه أمس (حائط البراق الذي يسمى إسرائيلياً حائط المبكى)». (بنيامين نتانياهو في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأمريكي بالقدس).
- «مع تصاعد الغضب العالمي إزاء الحرب الدائرة منذ قرابة عامين في غزة، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من أن إسرائيل تواجه «نوعاً من العزلة» قد يستمر لسنوات، وليس لدينا خيار سوى الاعتماد على نفسها». (عن موقع CNN بالعربية في مؤتمر بوزارة المالية الإسرائيلية).
- أكد المجلس الأعلى أن الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر الشقيقة، يشكل تهديداً مباشراً للأمن الخليجي المشترك وللسلم والاستقرار الإقليمي. ويرى المجلس أن استمرار هذه السياسات العدوانية يقوّض جهود تحقيق السلام ومستقبل التفاهمات والاتفاقات القائمة مع إسرائيل، لما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة بأسرها. (البيان الختامي للدورة الاستثنائية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالدوحة).
- «دعوة جميع الدول إلى اتخاذ كافة التدابير القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم الجهود الرامية إلى إنهاء إفلاتها من العقاب ومساءلتها عن انتهاكاتها وجرائمها، وفرض العقوبات عليها، وتعليق تزويدها بالأسلحة والذخائر والمواد العسكرية أو نقلها أو عبورها، بما في ذلك المواد ذات الاستخدام المزدوج، ومراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها ومباشرة الإجراءات القانونية ضدها». (البيان الختامي الصادر عن القمة العربية والإسلامية لبحث العدوان الإسرائيلي على دولة قطر بالدوحة).
- «تكليف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبما يتسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، وحيثما ينطبق، باتخاذ جميع التدابير الممكنة ضمن أطرها القانونية الوطنية لدعم تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 21 نوفمبر 2024 ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني». (من نفس البيان الختامي لقمة الدوحة).
- «كما أحذر من أن ما نشهده من سلوك إسرائيلي منفلت، ومزعزع للاستقرار الإقليمي، من شأنه توسيع رقعة الصراع، ودفع المنطقة نحو دوامة خطيرة من التصعيد، وهو ما لا يمكن القبول به.. أو السكوت عنه». (من كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام قمة الدوحة).
- ولشعب إسرائيل أقول: «إن ما يجري حالياً يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أي فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة.. وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعاً بلا استثناء، فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم حينها بلا جدوى». (من نفس الكلمة للرئيس السيسي).
- وختاماً؛ يجب أن تغير مواقفنا من نظرة إسرائيل نحونا، ليرى أن أي دولة عربية؛ مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام. وهذه النظرة كي تتغير، فهي تتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغٍ، ويتحسب أي مغامر.
فقد أصبح لزاماً علينا في هذا الظرف التاريخي الدقيق، إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تمكننا جميعاً من مواجهة التحديات الكبرى، الأمنية والسياسية والاقتصادية، التي تحيط بنا، حيث إن إقامة مثل هذه الآلية الآن، تمثل السبيل لتعزيز جبهتنا، وقدرتنا على التصدي للتحديات الراهنة، واتخاذ ما يلزم من خطوات، لحماية أمننا ورعاية مصالحنا المشتركة. (من نفس الكلمة للرئيس السيسي).