حمد الحمد
لا أعرف لماذا في مجتمعنا هناك كره للكتاب وكره للقراءة؟، أذكر من سنوات عدة قدمت نسخاً من أحد كتبي لرواد أحد المجالس، وكنت أتوقع أن أحداً منهم يسألني عن فقرة ما في الكتاب، لكن للأسف مرت فترة طويلة ولم أسمع أي صوت، بمعنى لا أحد قرأ سطراً في ذلك الكتاب.
قبل يومين كنت أتابع مقابلة في إحدى القنوات، وكانت مع رئيس وزراء أستراليا الأسبق كيفن رود، من حديثه كأنه يقول أمي علمتني وجعلتني أصل إلى هذا المنصب، ويقول والدتي وأنا طفل صغير تقدم لي كتباً عن الصين، وتطلب مني أن أقرأ عن هذا البلد، ولا أعرف لماذا؟، وأحببت الصين وقرأت كل شيء عنها، وعندما كنت على أعتاب الجامعة، اقتحمت الدراسة بتعلم اللغات واخترت اللغة الصينية وأجدتها، وعندما تخرجت أكتشفت أن لا احد يوظف شاباً يتكلم الصينية، لهذا لم أجد أمامي إلا العمل بوزارة الخارجية، وبعدها العمل في سفارة أستراليا في هلسنكي، وتدور الأيام والتحق بأحد الأحزاب، وأدخل عالم السياسة، وأتنقل في المناصب حتى احتل منصب رئيس وزراء أستراليا حتى عام 2010 م.
أنا شخصياً في فترة الثمانينيات كنت نشطاً في الكتابة، وأنشر في الصحف مرة مقالاً ومرة أخرى خواطر ومرة ثالثة قصة قصيرة، لكن في أحد الأيام قرأت مقالاً في مجلة اسمها المختار، وهي مجلة أميركية تترجم لأربعين لغة إحداها اللغة العربية، وكاتب ذلك المقال يقول: تخرجت مهندساً وحققت نجاحاً، لكن كنت أشعر أنني غير مرتاح نفسياً من عملي، لهذا، يقول سألت طبيباً نفسانياًً وشرحت الحالة التي أمر بها، قال الطبيب عد بذاكرتك للوراء ماذا كنت تحب أن تكون وأنت صغير؟. رجعت بذاكرتي وقلت كنت أحلم أن أكون محامياً، هنا قال الطبيب إذا اترك عملك وعد ادرس القانون، وفعلاً تركت عملي وعدت للدراسة بالجامعة، وتخرجت لأدخل مجال المحاماة وأصبح من أشهر المحامين في مدينتي.
بعد أن قرأت ذلك المقال فكرت في تنقلي العبثي بين قصة وخاطرة وشعر ومقال وقرّرت أن أختار أحدها، ورجعت لطفولتي عندما كنت أحلم أن يصدر لي كتاب، لهذا وجدت أن أسلك طريق كتابة القصة القصيرة فقط وأترك الخيارات الأخرى، وهكذا حتى صدر لي أول كتاب وهو مجموعة قصصية بعنوان (مناخ الأيام) في عام 1986م.
ما نعنيه لماذا في مجتمعاتنا هناك كره للكتاب والقراءة وكأنها شيء من الممنوعات؟، وكيف أوصلت القراءة كيفن رود، إلى أن يحتل أعلى منصب بالدولة، ودور الأم في صُنع مستقبل ابنها، رغم أن أم كيفن، كانت ممرضة أثناء الحرب العالمية الثانية وزوجها الطيار قُتل بالحرب وعمر ابنها ست سنوات، لكنها وجدت أن القراءة ستكون سلاحاً مهماً لابنها ليبني مستقبله.
دور الأم مهم بغض النظر عن جنسيتها!.