هكذا جاء دورك سوريا. ومرة أخرى، يعتصر التاريخ الزمن في لحظات. ويتراكض العالم لاهثاً وراء أحداثه، كي يتدارك البعض مصالحه، أو يصطاد البعض فرصاً جديدة. لطالما كانت الرسالة الخالدة من دمشق، أن كل شيء على ما يرام! وما هي إلّا سنوات وتنهض البلاد من جديد. لكن، وكما في "قصة موت معلن" لماركيز، كان احتمال انفجار الوضع ماثلاً يتجوّل بيننا علناً كل لحظة، لكنّ الكثيرين أشاحوا بوجوههم عنه. الجمود القلق في هذا الإقليم العاصف مستحيل الدوام. والاصطفاف الجديد للنجوم صار ساطعاً، وتحوّلات موازين ومصائر الصراع صارت حاسمة. وكما في الفيزياء ثمّة قوانين وأحكام للتاريخ! أنّه لا يسمح بالفراغ ولا يرحم الضعف البنيوي. بعد أوكرانيا انتهى التفويض الأميركي لروسيا، بل تداعى مع الحرب الأوكرانية المشروع الأوراسي الروسي لنقل الطاقة لأوروبا عبر جيهان في تركيا، هذا المشروع الذي كان الجوكر الأهمّ في جعبة روسيا لإغرائها ببديل لعلاقتها بالأطلسي وبأوروبا. وعندما قرّرت أوروبا أن ترتجف برداً بدلاً من شراء النفط الروسي، مات المشروع الأوراسي في أرضه، و"خربت البيعة". لعقود، كان السبب الرئيسي لحضور الميليشيات الإيرانية في سوريا، هو تعزيز دور إيران في محاصصتها مع القوى الإقليمية في الحرب الباردة. لكن عندما تحولت هذه الحرب الباردة لحرب ساخنة وصارت طوفاناً أو بركاناً، تداعى تقسيم العمل الإيراني الإسرائيلي، وتداعى معه قبول الغرب بالدور الإقليمي الوظيفي لإيران، لتصبح هذه الأذرع الخطر الاستراتيجي الماثل أمام الغرب وأميركا وإسرائيل. فبعد ...
هل ثمّة مفاجأة في ما جرى في سوريا؟
مواضيع ذات صلة