عبد الله سليمان الطليان
القصص والروايات المؤلفة على اختلاف مضمونها، قد تكون أحياناً بعيداً عن الواقع ويمكن أن تصنف على أنها أساطير وحكايات يمتزج فيها الخرافة والخيال والدجل والكذب، وهذا لا يسري على جميع تلك القصص والروايات التي لها عمق وأثر في الحياة الإنسانية، والتي فيها تصوير لتفاصيل لمعاناة نفسية أو صحية أو اجتماعية أو اقتصادية أو نقد حقيقي يتم على حيز ضيق فردي أو جماعي يشمل جماعاتٍ وشعوباً، وكل هذا يعتمد على المؤلف الذي يقوم بتأليف تلك القصص والروايات، التي هناك الكثير منها تتمتع بمصداقية عالية وتصنف على أنها تاريخية للدقة في رسم الأحداث وعرض التفاصيل بشكل جذاب للقارئ من قبل المؤلف، وسوف أشير إلى رواية (الجذور) للمؤلف الأمريكي (أليكس هيلي) التي تحكي رحلة الزنوج من إفريقيا عبر تجارة الرقيق، بواسطة السفن إلى مزارع قصب السكر في أوروبا وأمريكا، لقد عرض المؤلف حجم المأساة ورحلة العذاب التي تعرض لها الزنوج من خلال تجارة الرقيق بصدق، ولقد تحولت إلى عمل تلفزيوني بسبب عمق هذه المأساة، ومن جهة أخرى أشير إلى رواية أخرى تدل أن المؤلف هو بعيدٌ عن الحقيقة بل يعتبر مضللاً ومدجلاً، شوّه الحقائق في روايته من أجل غرض استعماري إنه المؤلف الإنجليزي روديارد كبلنغ صاحب رواية (كيم) الذي ولد في الهند وقام بجمع المعلومات عن قرب وإرسالها إلى بريطانيا، لقد أمعن في روايته في تلميع الاستعمار البريطاني للهند، والحط من الشعب الهندي واحتقاره، وأظهر للقارئ العادي غير المدرك لحقيقته أن بريطانيا جاءت إلى الشعب الهندي لتخلصه من التخلف الذي يعيشه والعمل على تطويره.
ونحن العرب والمسلمين لم نسلم من هذا التشويه في الحقائق والكذب المتعمد من قبل بعض الروائيين الإسبان الذين نشروا الكثير من الروايات بدافع إعطاء الأجيال الإسبانية وكذلك الشعوب الأخرى أن المسلمين لم يقدموا شيئاً يذكر في (الأندلس).
أخيراً نقول تبقى القصص والروايات الصادقة ذات أثر كبير في حياة الناس كافة تعطي العظة والعبرة على مرّ الزمن جيلاً بعد جيل، وهذا مذكور في القرآن الكريم من خلال الآية الكريمة {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.