في عصر يزخر بالتقدم والمعرفة والابتكار، استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تسهم بفاعلية كبيرة في تطوير نماذج جديدة تعتمد على التكنولوجيا، فقد دخلت مبكراً عالم الذكاء الاصطناعي، عبر خطوات رائدة، اتخذت منذ أعوام عديدة، حينما وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتحويل الحكومة التقليدية إلى إلكترونية، إلى أن أصبحت حكومة رقمية ذكية، وذلك لرسم خريطة توصل إلى التطور، وتدعم الاحتياجات البشرية بأذكى وأدق الأساليب المبتكرة.
لقد أدركت دولة الإمارات أهمية التطور التكنولوجي والرقمي وتغيراته المتسارعة، لذلك، أطلقت عدداً من الاستراتيجيات والمبادرات التي شملت مختلف قطاعات المجتمع، واتخذت من الابتكار ثقافة عمل، وأسلوب حياة، لبناء المجتمع المعرفي الذي يقوده المبتكرون ذوو الرؤى المستقبلية، لتعزيز مسيرتها، وترسيخ مكانتها العالمية، لقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في أكتوبر عام 2014، الاستراتيجية الوطنية للابتكار، التي تهدف لجعل الإمارات ضمن الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم، وفي نوفمبر 2016، أعلنت حكومة دولة الإمارات إطلاق أول مجلس للثورة الصناعية الرابعة على مستوى العالم.
ويأتي ذلك ضمن خطة عمل تنفيذية، بالتعاون والشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، مكونة من 6 محاور، تترجم توجهات الثورة الصناعية الرابعة نحو حراك عالمي تقوده الإمارات، وفي سبتمبر عام 2017، أطلقت حكومة الإمارات «استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة»، التي تهدف لتعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، والمساهمة نحو تحقيق اقتصاد وطني تنافسي، قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية، التي تدمج التقنيات المادية والرقمية والحيوية، وتجسد الاستراتيجية توجهات الحكومة في أن تصبح دولة الإمارات نموذجاً عالمياً رائداً في المواجهة الاستباقية لتحديات المستقبل، وتطويع التقنيات والأدوات الرقمية لخدمة المجتمع، وتحقيق السعادة والرفاه للأفراد، وفي أكتوبر 2017.
أطلقت الإمارات «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي AI»، وتمثل هذه المبادرة المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، والتي ستعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية في الدولة، بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل بالعالم في كافة المجالات، وتضمنت استراتيجية الذكاء الاصطناعي آنذاك، عدة محاور، أبرزها: بناء فريق عمل الذكاء الاصطناعي، وتشكيل مجلس الذكاء الاصطناعي للدولة، وإنشاء فرق عمل مع الرؤساء التنفيذيين للابتكار في الجهات الحكومية، وصياغة الخطط الاستراتيجية، ونشرها في القمة العالمية للحكومات لعام 2018.
ويعمل مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي على تحقيق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، عبر مجموعة من الأهداف التي تستند إلى آليات رئيسة، لتحديد الفرص عبر الدراسة المعمقة للنطاقات التي ستستفيد من إدراج تقنية الذكاء الاصطناعي في العمليات، ورفع التوصيات لتطوير البنية التحتية ذات العلاقة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتقديم الدعم المعرفي، مع التأكيد على ضمان رفاه المواطن وسعادته، وفي أكتوبر 2019، أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، القانون رقم 25 لسنة 2019، بشأن إنشاء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وتعتبر أول جامعة في العالم للدراسات العليا المتخصصة في بحوث الذكاء الاصطناعي، حيث تقدم برامج الماجستير والدكتوراه في علوم تعلم الآلة، وعلوم الرؤية الحاسوبية، وعلوم معالجة اللغات الطبيعية.
كما أعلنت جامعة الإمارات، خلال مشاركتها بـ «جيتكس 2018»، عن استحداث مسارين جديدين، يحاكي المسار الأول الذكاء الاصطناعي، ويركز الثاني على هندسة الفضاء. والملاحظ أن الإمارات تعتزم اعتماد مناهج لتعليم تقنيات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي في مدارسها، في محاولة للاستثمار في بناء أجيال من المواطنين المتخصصين في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والقادرين على توظيف مخرجاتها بكفاءة في مختلف مجالات العمل، بما يخدم توطين التقنية المتقدمة، وفي قطاع الإعلام والاتصال.
فقد واكب موقع صحيفة البيان الإلكتروني، عالم الذكاء الاصطناعي، عبر استخدام التخصيص الذكي، الذي يتيح لكل متصفح موقعه الخاص حسب جنسه وعمره ومكانه، وقد سميت هذه الخاصية بـ «بياني.. موقع لكل قارئ»، لتفي تجربة تصفح فريدة لكل زائر، عبر إتاحة المساعد الافتراضي الصوتي لـ «البيان»، وخواص التعرف الصوتي والتحليل التنبئي، والقارئ الآلي، لتكون بذلك أول موقع عربي إخباري يطبق هذه التقنيات، كما تم إضافة خاصية لوائح الشخصيات الأكثر ذكراً خلال 30 يوماً في محتوى الصحيفة، وأن يسترجع معلومات كاملة عن كل شخصية، ويتفقد مجموع أخبارها بالكامل، وكذلك الأمر بالنسبة للوائح أبرز المؤسسات ذكراً، ولوائح أكثر الأماكن ذكراً، من حيث المدن أو الدول أو القارات، عبر موقع صحيفة البيان.
لقد تصدرت دولة الإمارات العالم العربي في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة، وتؤكد الأبحاث أن دولة الإمارات سوف تستفيد بشكل كبير من التكنولوجيا التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مع توقعات لمؤسسة PWC بأن يسهم الذكاء الاصطناعي في الدولة بنحو 14 % من الناتج المحلي الإجمالي في الدولة عام 2030، أي ما يعادل 96 مليار دولار.