: آخر تحديث

فن حديث أم فن معاصر؟

5
5
5

ما الفرق بينهما، الفن الحديث والفن المعاصر، تبدو الكلمتان متشابهتان، لكن، كمصطلح، أصبح لكل كلمة معناها المختلف، والفن المعاصر هو الفن الأحدث، الفن الذي يصنع اليوم، بالنسبة لمؤرخي الفن، الفن الحديث بدأ في 1860 وانتهى في 1960، وما أنتج منذ ذلك التاريخ هو فن معاصر.

ليس التاريخ هو الفاصل وإنما نوعية الفن وطرقه وتعبيراته هي التي اختلفت والتي خلقت هذه المسميات وهذا الفرق.

بدأ الفن الحديث مع كلود مونيه، الانطباعي الذي أحدث قطيعة مع الطريقة الكلاسيكية في رسم اللوحة، والذي مع الأجيال التي تبعته عملوا على شد الانتباه للألوان والمواد التي يتم استخدامها في اللوحة، ضربات الفرشاة والتركيز على الأثر الانفعالي الذي تحدثه اللوحة في نفس المتلقي، من بين المدارس التي أنتجها الفن الحديث كانت الانطباعية والسوريالية والتعبيرية والتجريد.

الفرق الكبير والقاطع بين الفن الحديث والفن المعاصر، هو أن الفن لم يعد يركز على الأثر الجمالي الذي تخلقه اللوحة في المتلقي، أصبحت الفكرة، أو المفهوم الذي يقوم عليه العمل هو الأساس، وهو ما يحاول الفنان المعاصر أن يوصله للمتلقي بأساليب كثيرة لا تقتصر على لوحة تشكيلية ملونة على قطعة قماش.

أكتب هذا الكلام وأنا أحاول أن أشرح لعقلي ألا يرفض أمراً ما لأنه لا يعجبه أو لا يؤمن به. فقد أكون كالفنانين أو المتلقين التقليديين الذين حاربوا مونيه حين ظهر أول مرة.

لكنني أدرك أنني لا أحارب أحداً، ولا أفرض ذائقتي على أحد ولا أدعي حتى أنني أفهم بالكامل الفن المعاصر ولا يمكن لشخص أن يقف في وجه تيار، التاريخ يقول ذلك ونراه في كل المجالات، التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة.

أنا فقط أحاول العكس، أحاول أن أقول للمهتمين بالفنون والقائمين عليها، لا تحاربوا الفن الحديث، ولا تلقوه في سلة المهملات، لأنه لا يزال مطلوباً ومهماً، لأن الجمال لا يزال مطلوباً ومهماً، لأن جدران الفنادق والبيوت والمطارات والمطاعم والقصور لا يمكن تزيينها بالفن المفاهيمي، وأن الفن المعاصر مهم وحيوي ولا يمكن إنكاره ويؤدي إلى إحساسنا بأننا موجودون على خارطة العالم، لكنه مرتبط بوقته ومكانه، ليس سهلاً إعادة إنتاجه ولا ديمومة له.

أريد القول إن كل أنواع الفنون يمكنها التعايش مع بعضها، وأن تشجيع ودعم الفن المعاصر لا يجب أن يكون بإلغاء الفن الحديث أو تهميشه، أخاف على كل الفنون، وأتمنى أن تكبر وتزهر، ولذلك أحزن حين أرى معرضاً ضعيفاً، حديثاً أو معاصراً، كي يكون لدينا فناً قوياً يجب أن ندعم الجميع ونشجع الجميع، هكذا تصبح الفنون قوية ومزدهرة، هذا أيضاً أحد دروس التاريخ.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.