: آخر تحديث

تقارب الشعوب وتباعُدها

14
12
17

الشعوب العربية متحابة، والسياسة تباعد بينها.

في يوم من الأيام عند انتهاء الدوام، ظُهْراً صادف أن كان من الخارجين من الإذاعة الفنان المطرب عوض الدوخي، رحمه الله، وبجانبه الفنان سعيد البنا، فقال عوض لسعيد البنّا تعال معي وحَسب المشوار الذهاب إلى أحد الأسواق، فجلس سعيد بجواره ولكن عوض توَجَّه نحو طريق البصرة. هكذا إلى أن قَربَ من الطريق المتجه نحو الشمال المؤدي لها، فقال سعيد هذا طريق البصرة، فقال له نعم بل سنذهب إلى البصرة، فقال سعيد، أنا من دون جواز كيف أذهب معك، فقال له عوض أنا أذهب دائماً إلى البصرة من دون جواز وسوف ترى كيف يستقبلونني.

 

عوض له محبُّون في العراق كما هم في الكويت والخليج العربي، وتسمعه في المقاهي والإذاعة العراقية... وعندما جاوزا الحدود توقفا في مدخل العراق، فصاح أحدُهم الفنان عوض الدوخي قادم، فخرج رجال الأمن في مركز الحدود، وقال أحدهم اعطوني الجوازات لكي أختمها بختم الدخول، فقال رجُل الأمن الختم ليس لعوض الدوخي، تفضّل الختم لغيرك، فقال سعيد البنا، أنا ليس معي جواز، فقال رجل الأمن بل معك أهم من الجواز، معك الفنان الكبير عوض الدوخي، تفضّلوا.

هكذا كنا نترقب الأغاني العراقية في السابق والمطربين العراقيين، فقال عوض أنا كل كم يوم أحضر دون جواز... ويستقبلونني في حدود العراق، فلم يبق أحد إلّا وخرج ليستقبل عوض الدوخي.

عندما يختلف عوض مع أحد العاملين في الإذاعة تراه يسرع إليه ليعتذر منه، وإن فاته ذلك يطلب من أخيه يوسف الدوخي، أن يعتذر لمن غاب عنه الاعتذار، فيذهب إليه بكل رقة وأريحية ويعتذر بأنه لم يقصد إهماله... بل شُغل عنه بالحديث فيشير إليه الفنان يوسف الدوخي فيسارع في الاعتذار.

هكذا هما يوسف وعوض الدوخي، فنانان كبيران في التواضع والأخلاق العالية.

عندما ينتظر خلو دوره للتسجيل في الاستديو كان يجلس في مكتبي المقابل له.

في يوم شِتوي جلس العديد يتشمّسون، فمّر بهم شخص وسلّم ولم يرد عوض، السلام لانشغاله، فعاتبه الفنان يوسف... فذهب عوض مهرولاً ليلحق به كي يعتذر.

الفنانون الجدد من الشباب عليهم أن يأخذوا بصفة التواضع من كبار الفنانين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد