على مستوى سوق النفط العالمية لا توجد قواعد واضحة أو سياسة محددة من قبل المنتجين بكافة تصنيفاتهم، سواءً كانوا أعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» أو من خارجها. وعلى صعيد جبهة المنتجين من خارج أوبك، هي عادة ما تكون ضعيفة، بحيث أن التغيرات الدراماتيكية التي تحدث في أوساطهم على صعيد صناعة النفط تؤثر على تجارته العالمية وعلى الجوانب الأخرى من الاقتصاد العالمي. أما على صعيد أعضاء أوبك، فهم منقسمون ما بين أكثر من خيار. بعض المنتجين المصدرين من «أوبك» يفضلون العمل وفقاً لاستراتيجية الدفاع عن الأسعار المرتفعة، في حين أن أعضاء آخرين يعارضون ذلك ويفضلون استراتيجية وسطية معتدلة تجاه كميات الإنتاج والتصدير ومستوى الأسعار.
وكنتيجة، فإنه في حين أن أعضاء من «أوبك» ينتهجون استراتيجية الأخذ كلا الخيارين في الوقت نفسه، منظمة «أوبك» ذاتها ليس لديها استراتيجية واضحة على المدى القصير والمتوسط والبعيد وتبقى الأمور لديها متأرجحة وفقاً لحركة السوق والعرض والطلب. وبالتالي، فإن السوق ذاتها ليس فيها ثقة لتحقيق الاستقرار على صعيد الأسعار أو المعروض أو في وجود قيادة على صعيد العرض، في حين أن جانب الطلب دائماً ما يبقى مرتفعاً ويتم التأثير عليه من قبل إقبال المستهلكين في المستويات الأدنى على المحروقات كالبنزين والديزل إما لأغراض التنقل في مواسم الربيع والصيف أو لأغراض التدفئة في موسم الشتاء.
الأوضاع بالنسبة لأوبك غالباً ما تكون جيدة عندما يتخذ أعضاؤها قرارات جماعية حاسمة ومتماسكة حول قضايا رئيسية أربع تعتبر معتمدة على بعضها بعضاً ومتداخلة في بعضها بعضاً. تلك القضايا الأربع ذات أهمية ولها علاقة بالسياسات الخاصة بتزويد الأسواق بالنفط الخام والغاز الطبيعي وطالما يكون أعضاء أوبيك متفقون عليها، فإنها تجلب لهم مصالحهم التي سعون إليها. القضية الأولى، هي الاختيار بين أن يكون العضو منافساً عبر حصة سوق كبيرة أو مدافعاً عن أسعار مرتفعة للنفط الخام. أما القضية الثانية، فهي تتعلّق بمقولة «الريع» وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقطار الأعضاء، وهي قضية جدلية وتتفاوت من قطر إلى آخر.
والقضية الثالثة تتعلق بالاستثمار في قدرات الإنتاج على صعيد النفط الخام والغاز الطبيعي وعلاقة ذلك بتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل الوطني وتمويل الميزانيات السنوية للدول الأعضاء. والأمر الأخير هذا أصبح متلازمة وطنية مهمة لجميع الدول المنتجة للنفط الأعضاء في أوبك. القضية الرابعة والأخيرة، فهي أن الضلوع في سياسات النفط العالمية صار قضية تهم دول العالم المنتجة للنفط جميعها، سواءً كان ذلك الضلوع هو دور في ديبلوماسية الطاقة العالمية أوفي الترتيبات ما بين الدول المنتجة من أعضاء أوبك أو من خارجها، أو في الترتيبات والتنسيق والتعاون ما بين المنتجين والمستهلكين، أو في أدوار أكبر في قضايا التجارة العالمية. عبر هذه القضايا الأربع، وضع أوبك لا يزال مؤثراً في سياسات النفط العالمية رغم تراجعه النسبي الذي طرأ في فترات معينة على الصعد العامة.
في الوقت الراهن أهم جانب من ضلوع «أوبك» يكمن في الشروط التي يتم وضعها خلال الأوقات الحرجة من تقلبات سوق النفط العالمية من قبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المنتجة والمصدرة للنفط الخام والغاز الطبيعي. دول هذه المنظمة الإقليمية صارت تنسق وتتعاون في ما بينها على الصعيد النفطي، وفي ما بينها وبين عدد من الدول المنتجة والمصدرة من خارج أعضاء أوبك خاصة روسيا. وفي هذا السياق، هي تتبنى مثلاً فكرة أنها لكي تقوم بتخفيض إنتاج عندما يزيد المعروض في الأسواق عن مستويات معينة، ينبغي أن تقوم جميع الدول المنتجة من خارج أوبك بالخطوة نفسها. لكن الاستجابة لهذه الفكرة غالباً ما تكون متواضعة، ففي سنوات معينة بقيت التخفيضات التي قام بها هؤلاء عند مستويات 300 ألف برميل يومياً. إن ذلك يعني وجود صعوبات في إيجاد تعاون مجدٍ بين الطرفين، الأمر الذي يعقد المسألة أمام «أوبك» ويؤدي إلى أن يضطر أعضاؤها إلى تخفيضات طوعية من جانبهم.