: آخر تحديث

الإبداع تحت السقوف العالية

13
10
10

ما هي أهمّية السقوف العالية في إبداع الآداب والفنون؟ خلافاً لمعايير التربية التقليدية، يجب أن يكون المنطلق والتأسيس منذ أنعم نعومة في الأظفار، أي حتى قبل أن يتعلم الرضيع الكلام. أوَليس فيلسوف التربية الفرنسي «آلن» يقول: «أسمعوه شعر بودلير وموسيقى بيتهوفن في المهد»؟. قاس القلم على ذلك، قال: «أسمعوه القرآن الكريم المجوّد، وروائع السنباطي الفصحى، وموتزارت وبيتهوفن، في المهد». من هنا يبدأ تشييد سقوف الصروح السامقة الشاهقة للسمع. ألا يذكّرك هذا بتلك التنشئة الرائعة التربوية، التي كان أهل الحضر الجاهليون يرسلون بها صغارهم إلى القبائل الفصيحة في البوادي، حتى تستقيم لغتهم من غير لحن، فيستطيبها السامع كأنها لحن.

على المناهج العربية ألاّ تزلّ بها قدم التفكير إلى سوء التقدير، فتتوهم أن تقدّم العلوم والتقانة، سوف يضع منظومة سحر البيان على الرفّ. لا يُعقل أن تلغي التكنولوجيا الأساليب الإبداعية في الآداب. لا يمكن أن يفكر روائي جادّ في كتابة رواية على طريقة تحرير الأخبار، إلاّ إذا كان الغرض شكلاً فنيّاً مقصوداً. لا يستطيع ناقد عاقل أو مجنون، حتى في العاميّة والزجل أن يقارن «أركب الحنطور واتحنطر» بجمال «شمس الأصيل».

يجب الاعتراف بأهمية الرقابة على المصنّفات، في الإذاعة والتلفزيون، فقد كانت تلعب دور «شرطة الآداب» في الآداب والفنون. حدث ما يشبه الخبث، أو هو خبث مقصود، أدّى إلى الخلط بين حرية الإبداع وحرية التعبير التي تهدم السدود والحدود. تحت غطاء الدفاع عن ضرورة تخليص حريات الفكر والرأي والتعبير من القيود، صحا العالم العربي على واقع ثقافي، في الآداب والفنون، لا يمكن فهمه وإدراك آلياته ومساراته، إلاّ بأدوات التحليل السياسي الجيوسياسي الجيوستراتيجي، وإلاّ فكيف يتسنّى للعقل استيعاب انهيار السقوف العالية، في كل الخريطة العربية، في ظرف سنوات معدودات. لكن، يجب ألاّ يحتدّ أحد فيبالغ في الهجاء، كالقول: «خلتِ الرقاعُ من الرخاخ ففُرزنت فيها البيادقْ»، أو الألذع: «إنّ البغاث بأرضنا يستنسرُ».

المطلوب هو أن على المناهج أن تضع السقوف العالية كقاعدة متينة تبني عليها الخطط التربوية، عندها يقطع التلميذ المراحل الدراسية، والدروب إلى الإبداع، وهو ينظر إلى نفسه بتواضع أمام القامات الشامخة، مع إرادة طموحة تُذكي فيه التوق إلى أن يبلغ الجبال طولاً.

لزوم ما يلزم: النتيجة الربطية: هل تريد تأملات نكدية؟ حاول الربط بين الانهيارات الثقافية، وانهيارات البلدان سياسيّاً واقتصاديّاً وعمرانيّاً.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد