لم يكن للمملكة أن تشكل أكبر سوق اقتصادي حر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دون أن تكون منطلقة من استراتيجية عميقة، ومن رؤية طموحة ومرنة قادرة على أن تتحرّك وفق أهداف مرسومة وخطط علمية تستقرئ الحاضر وتستشرف المستقبل؛ وهذا ما جعلها خليقة بأن تكون قائدة للتصدير وحيازة 25 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العربي، مستفيدة من موقعها الجغرافي الذي جعلها منفذاً سهلاً لأسواق التصدير في أوروبا وآسيا وأفريقيا، وكذلك هيأها لأن تتمتع سوقها بقدرة شرائية عالية، وأن تكون أسرع الدول في النمو الاقتصادي على مستوى العالم، هذا النمو والتنامي المستمر رسّخ حضورها كدولة اقتصادية كبرى تصنف ضمن الاقتصادات العشرين الأكبر في العالم.
ولذا فلا غرابة أن يشهد الاقتصاد الوطني استقراراً في أدائه الإيجابي على الرغم من المتغيرات العالمية وتصاعد حالة عدم اليقين حيال آفاق الاقتصاد العالمية؛ فالأداء الإيجابي -بفضل الله- استمر لمؤشر مديري المشتريات في شهر مارس مسجلاً 57.0 نقطة ليبقى في منطقة التوسع، كما سجل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الرابع من (2023) 13 مليار ريال خلال الربع الرابع من عام 2023، مقارنة بـ11 مليار ريال في الربع السابق.
هذا النمو اللافت في صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي يعكس ثقة المستثمرين والقطاع الخاص في متانة الاقتصاد السعودي، ونجاعة الإجراءات والتدابير الاقتصادية المتخذة لمواجهة التحديات العالمية، قبل أيام وعلى هامش إقامة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي احتضنته الرياض تحت رعاية سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، بحضور ومشاركة رؤساء الدول وصانعي السياسات من مختلف الدول، وذلك لرسم سياسات التنمية في جميع الدول، تحدث وزير الاقتصاد بلغة ملؤها الثقة والاطمئنان أكد فيها
أنه «بعد مرور 8 سنوات على إطلاق رؤية السعودية 2030، فقد أظهرنا استعدادنا لقيادة المسار نحو نموذج متقدم للنمو المبني على التحول الذي يتسم بالابتكار والاستدامة، تتمثل رؤيتنا في رسم المسار نحو اقتصاد مزدهر قائم على المعرفة والابتكار، مسار يطلق العنان للإمكانات الهائلة لرأسمالنا البشري».
هذا ما بدا جليّاً من التقرير الذي تم إصداره قبيل أيام لرؤية 2030 الذي أكدت أرقامه مُضيّنا نحو مستهدفاتنا بكل نجاح وإبداع وثقة.
على الرغم من المتغيرات العالمية وتصاعد حالة عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، إلا أن الأرقام والنتائج تؤكد مواصلة متانة اقتصادنا الوطني، بما يواكب مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، ومضيّه وفق أهدافه بشكل مطمئن وثابت وراسخ يبعث الاعتزاز والتقدير لقيادتنا الرشيدة التي تقود بلادنا بثقة نحو الريادة في كل المجالات، واضعة إياها في صدارة دول العالم حضوراً وأثراً وتأثيراً.