: آخر تحديث

ثرثرة على ضفاف الثورة الفرنسية

12
23
11
مواضيع ذات صلة

ما الذي يحدث في فرنسا، ولفرنسا؟ كأنما هي تشهد الإرهاصات التي سبقت الثورة الفرنسية، أو بالتعبير الكونداليزي الرّايسي: «آلام المخاض» لميلاد فرنسا الجديدة، على غرار الفوضى الخلّاقة التي تحدثت فيها عن مولد الشرق الأوسط الجديد، فإذا بالمقادير تبشّرها بحشد مواليد جُدد: أوكرانيا الجديدة، التي أوجدت أوروبا جديدة، غزّة الجديدة، التي تؤذن بأن ينهض من رمادها فينيق نظام عالمي خلّاق، تلتئم به جراح فوضى الإبادة، إلى أن يكتمل العِقد بعودة قرّة عين الصين، التي طال بها النواح: «يا غائباً لا يغيبُ».

الفلاحون في فرنسا يَضربون حصاراً على باريس. أغلب الظن ألّا تصل بهم القسوة إلى حدّ التفكير في قطع الماء والوقود والدواء والغذاء، ولا حتى الأجبان وبنات العناقيد عن مدينة النور والعطور. قد يكون الحنين هزّ المزارعين إلى تجديد اقتحام قلعة الباستيل. بالمناسبة، يذهب بعض المؤرخين الفرنسيين، من بينهم الراحل هنري غيومان (أشرس المناوئين لجان جاك روسو في سيرته وفكره)، إلى أن الذين حاصروا القلعة واقتحموها، كان الجوع دافعهم، فهجموا بحثاً عن مخازن القمح. لكن المناسبة الأنسب، هي ما يراه مؤرخون آخرون، سبباً في اندلاع الثورة الفرنسية، وهو حدوث ثورة في أحد براكين إيسلندا، قبل عام الثورة 1789 بسنوات، ما أدّى إلى حجب الشمس بالرماد والغبار والدخان مدّة طويلة، في مناطق عدّة من أوروبا، من بينها فرنسا، فتضرّرت المحاصيل الزراعية فابتلي الناس «بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات»، فاندلعت الثورات.

ما يجري في أوروبا لم يكن يخطر على بال أوروبي قبل عَقد بل حتى قبل العمليّة الخاصّة الروسيّة في أوكرانيا في فبراير 2022. فجأة، صارت الحرب في تلك الديار، غربها وشرقها، تتجاوب كأنها عدوى التثاؤب والضحك. كيسنجر أحياناً يكون صادقاً جدّاً، قال: «أنْ تكون عدوّاً للولايات المتحدة، فذلك أمر بالغ الخطورة، أمّا أن تكون حليفها فهذا خطر قاتل».

ماذا فعلت بأوكرانيا؟ عشرون مليون مشرّد، علماؤها وكفاءاتها اختطفتهم أوروبا الغربية، والخاتمة، قطع إمدادها بالمال والسلاح، بدعوى أن المسؤولين الأوكرانيين فاسدون، بينما هي لا تنتقي إلّا الصالحين. كيف هي اقتصادات أوروبا؟ وهل بدأت اللوحة التكتونية تتململ مللاً تحت تكساس، منذرةً بهزّ كل أساس؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الفصلية: كأن المقادير لا تريد أن تبخل على الغرب بأن يذوق الربيع الذي أذاقه غيرَه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد