: آخر تحديث

زيلينسكي وواشنطن... إحباط متبادل

30
32
31
مواضيع ذات صلة

كانت رحلة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاولة يائسة لإقناع الكونغرس الأميركي بالإفراج عن حزمة المساعدات التي تحتاجها كييف بشدّة كي تتمكن من الصمود في مواجهة "الشتاء الروسي" المقبل.

وعلى هامش المهمّة التي ذهب من أجلها زيلينسكي إلى العاصمة الأميركية، كان ملاحظاً أنّ واشنطن استقبلت الرئيس الأوكراني هذه المرّة بحفاوة أقل بكثير من تلك التي استقبلته فيها مرتين في العام الماضي.
 
ما من أحد يجادل بأنّ المسؤولين الأميركيين منشغلون بحرب غزة من جهة، ومنهمكون بالتحضير للحملات الانتخابية الرئاسية. ومع ذلك، ثمة مسألة أعمق في خلفية الصورة، تتعلق بشعور أميركي متزايد بالإحباط عقب إخفاق الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ قبل 6 أشهر، ولم يحقق النتائج المتوخاة منه.
 
العام الماضي في مثل هذا الوقت تقريباً، استُقبل زيلينسكي استقبال الأبطال في واشنطن من قِبل البيت الأبيض ومن قِبل الكونغرس، لأنّ أوكرانيا كانت قد استعادت أجزاءً واسعة من الأراضي في هجمات مضادة سريعة في منطقتي خاركيف وخيرسون.
 
هل يعني هذا أنّ أميركا تحتفي بالمنتصرين فقط؟ سؤال بدأ يطرح نفسه بسبب تصاعد نسبة الأميركيين المعارضين لمواصلة الدعم العسكري والاقتصادي بالوتيرة التي كان يجري بها منذ بدء الهجوم الروسي في 22 شباط (فبراير) 2022. هذه النسبة هي أكبر في صفوف الجمهوريين.
 
والجمهوريون في الكونغرس يشترطون لإقرار المساعدة التي طلبها الرئيس جو بايدن لأوكرانيا وقيمتها 61 مليار دولار، أن ينفق البيت الأبيض أموالاً أكثر على مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الحدود مع المكسيك. هذا أولاً، ثم أنّهم يريدون رقابة أكبر على طريقة صرف الأموال الذاهبة إلى أوكرانيا.
 
التحذيرات التي يطلقها بايدن من مغبة عدم صرف الأموال اللازمة لأوكرانيا على مستقبل الحرّية في أوروبا والعالم، ومن أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يكتفي بكييف فقط إذا لم يقرّ الكونغرس حزمة الـ61 مليار دولار، لا تعطي التأثير المأمول به لدى الجمهوريين.
 
ومشكلة زيلينسكي أيضاً هو أنّ الوقت لا يعمل لمصلحته. وإذا لم يحصل على المساعدة الأميركية في وقت قريب، فإنّ مزيداً من العقبات قد تطرأ في طريق المساعدة مع بدء الحملات الانتخابية. ماذا لو عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات التي ستجري بعد أقل من عام؟.
 
المشهد المحبط في الجانب الأوكراني والأميركي تقابله نشوة لدى الجانب الروسي، الذي أثبت أنّه قادر على التكيّف مع ظروف حرب طويلة الأمد أكثر من أوكرانيا والغرب عموماً، وذلك على رغم الخسائر الفادحة التي مُني بها الجيش الروسي في الأشهر الأولى للحرب.
 
وباعتراف محلّلين غربيين، فإنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استطاع إعادة جمع الطاقات الروسية، والانتقال من الموقع الدفاعي إلى موقع الهجوم، على غرار ما يحصل الآن في منطقة أفدييفكا بمنطقة دونيتسك وفي منطقة كوبيانسك بمنطقة خاركيف، بينما القصف بالصواريخ والمسيّرات يجري بوتيرة متسارعة في الأيام الأخيرة بقصد قطع امدادات الطاقة في أوكرانيا وإغراقها في الظلام.
 
وإذا ما أُضيفت هذه المتاعب إلى بدء بروز انشقاقات في الطبقة السياسية الأوكرانية، وإلى النفور بين زيلينسكي وقائد الجيش الجنرال فاليري زالوجني، يفقد الأوكرانيون صورة الوحدة التي ظهروا عليها بعد الحرب. والتوتر السياسي الداخلي، دفع مثلاً السلطات إلى منع الرئيس السابق بترو بوروشنكو من السفر.
 
ذهب زيلينسكي إلى واشنطن هذه المرّة من دون أن يحمل معه هدية انتصار جديد على روسيا، وإنما كل ما يعوّل عليه هو الحصول على المساعدة التي يمكن أن تمكّن كييف من الصمود خلال الشتاء في مواجهة الأنواء الروسية.
 
قبل أيام، أعلن بوتين ترشحه لولاية رئاسية جديدة، متكئاً على إفشال روسيا للهجوم الأوكراني المضاد، الذي راهنت كييف والغرب من خلفها على إمكان أن يُحدث تحوّلاً ميدانياً يرغم موسكو على الاعتراف بإخفاق المغامرة الأوكرانية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد