: آخر تحديث

بايدن بين خيارين: نتنياهو أو الدّولة الفلسطينيّة

11
10
10

أكثر فأكثر تبرز إلى السطح الخلافات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول اليوم التالي للحرب، وحول الطريقة التي تدار بها الحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في 7 تشرين الأول (أكتوبر).    
 
من الواضح أن بايدن يريد تصوراً سياسياً لما بعد الحرب، يشكل هيكلية لترتيبات كاملة في الشرق الأوسط. وهذا التصور يقوم على الشروع في مسار يبدأ أولاً بخفض التصعيد العسكري والعمل نحو صفقة لتبادل الرهائن وتجديد السلطة الفلسطينية، تمهيداً لإحياء عملية التسوية وتسليمها مقاليد الأمور في الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يترافق ذلك مع خطوات لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.    
 
تصطدم الرؤية الأميركية برفض مطلق من نتنياهو الذي كرر هذا الأسبوع رفضه قيام دولة فلسطينية بالمطلق والقبول حتى بالسلطة الفلسطينية بأي شكل كانت، والتشديد على أن إسرائيل لن تسلم المهمات الأمنية في قطاع غزة لأي جهة كانت، وترفض أي وجود أمني لغير الجيش الإسرائيلي غرب نهر الأردن، وبأن مواصلة الحرب هي الوسيلة الأفضل التي تكفل استعادة الرهائن وتدمير "حماس". 
 
ولم تمضِ ساعات على الاتصال الهاتفي الجمعة بين بايدن ونتنياهو، حتى أصدر مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلي توضيحاً لما نقل عن لسان الرئيس الأميركي من أن نتنياهو لا يعارض قيام دولة فلسطينية، وأنه في الإمكان إنشاء مثل هذه الدولة حتى بوجود الأخير في الحكم. وأكد التوضيح أن نتنياهو متمسك بمواقفه المبدئية الرافضة للدولة الفلسطينية.   
 
موقف نتنياهو يوقع بايدن في حرج كبير، وسط تصاعد الضغوط في صفوف الحزب الديموقراطي، بمن فيهم عدد لا يستهان به من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، الذين يطالبون الرئيس بفرض شروط على تقديم المساعدات إسرائيل، كرافعة من أجل حمل نتنياهو على التجاوب مع المناشدات الأميركية. 
 
وتحرك الديموقراطيين هذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتصاعد التوترات الإقليمية، لا سيما على جبهات جنوب لبنان والبحر الأحمر والهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، وهناك خشية حقيقية في الولايات المتحدة من أن تؤدي هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر والرد الأميركي بقصف أهداف داخل اليمن، إلى تورط الولايات المتحدة في نزاع جديد في الشرق الأوسط.
 
والمفتاح لتهدئة هذه التوترات وتجنب صراع إقليمي شامل، يكمن في وقف النار في غزة، وفي الشروع بخطوات تنفيذية لوضع حل الدولتين موضع التنفيذ.   
 
وهناك أيضاً خلافات بدأت تظهر بين أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي، مع تأكيد عضو المجلس، رئيس الأركان السابق غادي إيزنكوت، أن الاعتقاد بإمكان استرجاع الرهائن لدى "حماس" من دون اتفاق، هو مجرد "أوهام". وذهب إيزنكوت إلى حد نفي أي "إنجاز استراتيجي" في الحرب حتى الآن.   
 
وعضو مجلس الحرب الآخر بيني غانتس، هو أقرب إلى موقف إيزنكوت، منه إلى مواقف نتنياهو وغالانت. وحتى أن ثمة تمايزاً أيضاً بين موقفي الأخيرين. 
 
وصار معروفاً لدى قسم كبير من المسؤولين الأميركيين أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، كي يتجنب المساءلة في اليوم التالي عن الإخفاقات في 7 تشرين الأول. ونتنياهو وحده من سائر المسؤولين الإسرائيليين الذي لم يقر بحصول تقصير من جانبه، ويحاول إلقاء اللوم على المستويين العسكري والاستخباري.    
 
إن التداخل بين مصالح نتنياهو الشخصية والسياسية، يهدد بتوسع الحرب، وحتى بجر الولايات المتحدة إليها. وهذا ما يتطلب موقفاً حاسماً من بايدن كي لا يدع الأمور تتدحرج إلى سيناريوات كارثية.    
 
إن أي تصور أميركي للشرق الأوسط لن يبصر النور ما دام نتنياهو في السلطة على رأس أكثر الحكومات تشدداً في تاريخ إسرائيل.    
 
والسؤال: كم من الوقت يحتاج بعد بايدن للتعبير عن نفاد صبره؟    


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد